top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

🇷🇺 الجميلة سان بطرسبورج 01 القطارات الروسية

وبمجرد أن وضعت في غمار الأحداث تصرفت كبورجوازي وَغْد حين مررت ورقة بعشرين يورو لمراقبة التذاكر -كما أشارت- لترفعنا ثلاثتنا…


الأفضل أن تذهب إليها مباشرة بالطائرة، خاصة وأن الطيران إليها أرخص عادة من أن تطير إلى موسكو.

أو أن تتجه لها بالقطار، وتحديداً بقطار الصابسان السريع والمريح (به ضيافة قد تصل أحياناً لحصولك على آيس كريم أحيانًا نظير روبلات قليلة) أو أن تتصل لك احدى المضيفات من هاتف القطار بسائق تاكسي يقابلك على رصيف محطة الوصول بلافتة عليها اسمك لو معك حقائب كثيرة وطلبت منها ذلك -تجربة شخصية- وهذه خدمة لم أرها ولا حتى في القطارات الألمانية وانترنت لاسلكي (وايفاي) وهو لا يفتح إلا بآخر أربعة أرقام من وثيقتك (جواز السفر/البطاقة) التي حجزت بها التذكرة ورقم الكرسي ورقم عربة القطار تحت شعار (هانجيبك هانجيبك!😁) وهذه المسافة القصيرة نسبياً في دولة شاسعة مترامية الأطراف 706 كم ب35-40€ للتذكرة يقطعها في أربع ساعات ولو خضت مثل هذه المسافة في المانيا فستدفع تقريباً تقريبا لنفس المسافة بين هامبورج Hamburg وانجولشتادت Ingolstadt وستقطعها في خمس ساعات وست دقائق وتكلفك 160€!

معلومة هامة لشراء التذاكر تستطيع إما بسهولة من موقع tutu.ru (وتوتو هنا هو صوت القطار في لغة الأطفال تشبه "توت" لدينا) أو أرخص قليلاً من الموقع الرسمي لشركة القطارات РЖД (Российские Железные Дороги) https://www.rzd.ru

مثل س.ح.م (سكك حديد مصر) أو (Deutsche Bahn) DB لدى الألمان أو NMBS/SNCB لدى البلجيك

لكن هل كل القطارات في روسيا هكذا بسيطة ولطيفة؟! إليك شيء من تجربتي في السنين السبع الأخيرة:

قد تستطيع أن توفر في ثمن التذكرة وتستخدم قطار "كراسنايا ستريلّا" السهم الأحمر Red Arrow Красная стрела هو قطار نوم من الحقبةالشيوعية لو كنت تتوق لأيام الاتحاد السوڤيتي وتخوض تجربة في آلة الزمان فلتفعل -خاصة إن كان معك وقتاً ولديك صحة وصبر- وهذا القطار له درجات ثلاث، ألخصها لك:

- الأولى عربة كوپييني Купейный вагон:

كنبة من الجلد، جيدة التنجيد مريحة في النوم أو الجلوس، والكابينة تغلقها عليك للخصوصية وتتحكم في تكييفها كيفما شئت فهي تستوعب أربعة ركاب بحد أقصى ويأتيك شاي ساخن في الصباح حين تستيقظ وكأنك عضو من أعضاء الحزب الشيوعي ذاهباً لأحد المؤتمرات الشعبية أو ليحاضر في الشبيبة الطليعية فقط تنقصك صحيفة الپراڤداПравда (الحقيقة) والتي كانت تحتوي كل شيء عدا الحقيقة! 😁


- الثانية پلاتسكارتنيّ Плацкартный вагон:

بها أيضاً نصيب من الراحة تتناسب مع أسرة سوڤيتية كلاسيكية متوسطة (مهندس وطبيبة يسافران مع أبنائهما فيأخذون كنبتين مواجهتين حيث يمكن استخدام الكنب كسراير لكن العربة كلها ترى بعضها البعض في النوم واليقظة فلا توجد خصوصية No Privacy وهذا معتاد في ثقافة الدول الشمولية وإعلاء الجماعة على الفرد والفردانية، فكونك تسعى للخصوصية معناه أنه لديك ما تخفيه عن الجماعة ومن ثم النظام وهذا شيء غير جيد بالمرة وقد يبعث بك لرحلة مجانية لمعسكرات سيبريا لا قدر الله والتي عادة ماتكون OneWay Ticket تذكرة بلا عودة


- والثالثة أوبيشّي Общий вагон (عام) وما أدراك بالأوبيشّي:

وهي مخصصة للبروليتاريا والكادحين من عمال المصانع والمناجم والفلاحين والجنود (ملح الأرض من الفقراء) وهي كراسي قد تجلس عليها ساعتين أو ثلاث بالكثير في رحلة قصيرة، لا ضير!

لكن أن تسافر بها بين ليننجراد (سان بطرسبورج) وموسكو لمدة تسع ساعات ونصف فيتحد جسمك بالكرسي الصلب من تحتك، أضف إليه صخب وروائح المحشورين معك حشراً وهذا جحيم أسوأ من الصلب في جلجوتا Golgotha - على الأقل جسمك وذراعيك كانا سيكونان ممدودين في الهواء الطلق ولست مقيداً في وضع أشبه بمومياء من حضارة المايا مقرفصة من البرد- وسوف تصل به لا محالة منهكاً تماما خاصة لو عرفت أن القطارات في روسيا تسير مسافات وهمية مثلا من سان بطرسبورج Санкт Петербург حتى يكاتيرينبورج Екатеринбург يأخذ القطار بين 25 ساعة و 41 ساعة 1782 كم فعلها صديق لي أيام كأس العالم 2018 ليلحق بمباراة للمنتخب المصري واختار أسرع حاجة فكانت خمس وعشرين ساعة قضاها بين السير في القطار وهبد الفلنكات!


وأول رحلة كنت قد ذهبت فيها إلى موسكو من سان بطرسبورج كنت أتلمس فيها آثار الحقبة السوڤيتية التي طالما أحببتها من هوايتي لجمع طوابع البريد واشتراكي بالمجلة السوڤيتية أيام الصبا فكنت ذاهبا بحماسة لرؤية الرفيق لينين في ضريحه فقلت سأحاول أن أكون برجوازياً مندساً وسط إخواني من البروليتاريا والصعاليك فقيل لي لن تستطع معهم صبراً والحمد لله أنني أخذت بنصيحتهم!

ولن أسهب في الحديث عن رائحة ملح الأرض وطينها وعرقها من عمال العنابر الكادحين وفلاحي الأرض الشقيانين والسكرانين في هذه العلبة من الصفيح المزعجة سيئة التهوية في حر الصيف وقيظه أو عن رائحة الحمامات العامة وأفواه السكارى بها والتي تنبهت لها بعدما أقنعني أصدقائي الروس عن أن أعقل كدة ودعك من صور الپروپجندا التي اعتدتها من المجلات السوڤيتية قديماً، فبمجرد أن وضعت في غمار الأحداث تصرفت كبورجوازي وَغْد حين مررت ورقة بعشرين يورو لمراقبة التذاكر -كما أشارت- لترفعنا ثلاثتنا من الدرجة الثانية للأولى كما اقترحت علينا فمارسنا حقنا الثوري في الاشتراكية التحررية للتخلص من الصراع الطبقي داخل القطار


100 views0 comments

Kommentare


10 resons2Travel
bottom of page