top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

الجميلة سان بطرسبورج 02 🇷🇺 دخول الحمام مش زي خروجه (الجزء الأول)

Updated: Apr 7, 2022



الذهاب إلى حمامات البخار لدى الأمة الروسية أو البانيا Баня -كما يسمونها- ليس فقط لمجرد الاغتسال البدني، بل لتطهير الروح والجسد معاً ونقطة تجديد النشاط فالحمام هو نادي الأسمار بين الأصدقاء المقربين أو المعارف الجيدين حيث يذهبون إليه في مجموعات من الذكور أو الإناث أو كليهما لقضاء يوم أو بعض يوم أثناء الاغتسال الجماعي في تواصل ومرح بين لهو ورياضة وتناول طعام وشراب! لذلك هم يحرصون جداً على اختيار مجموعة الأصحاب المناسبة لهذا النشاط الاجتماعي.

لكن فيم يختلف الحمام الروسي (البانيا) عن غيره؟

غرفة البخار عند الروس هي الأعلى حرارة مطلقاً عن مثيلتها في الساونا الفنلندية Sauna والتي تتراوح بين 80-95 درجة مئوية "فقط"! أما البانياهذه فدائماً تبدأ ب100 درجة مئوية وتصل ل120 درجة بعد صب الماء على الأحجار الساخنة لكن بالرغم من هذه الدرجة العالية من الحرارة هي أقل رطوبة من ساونا الفنلنديين. ويتفق الروس والفنلنديون في حماماتهم على استخدام الخشب في صناعة مقاعد الجلوس، والأواني وهيكل الحمام من الخارج خاصة في الشكل التقليدي التاريخي، لذلك تستطيع استخدام منشفتك الخاصة مفرشاً فوق المقعد لتجلس عليه دون أن تمس مكاناً جلس فيه آخرون قبلك، بينما حمامات الترك والمغاربة والرومان والمصريين والشوام تستخدم عناصر الرخام أو الحجر أو الزليج (الفسيفساء) والقاشاني الملون (السيراميك)

وللمقارنة أيضاً درجة الحرارة في الحمامات المغربية/الأندلسية (40-42 درجة فقط) وإن افتقدت لتدليل الحمامات المغربية والأندلسية في التمسيد بزيت الأرجان بعد استخدام الغسول Rhassoul والصابون البلدي من زيت الزيتون، والكيسة -شبيهة الليفة وتلبس في اليد- والتي ينسب لها وظيفة"المكيساتي(ة)" أو الحمامي والتي اشتهرت قصصهم في كتب التراث والتاريخ العربي وهو/هي من يقوم/تقوم بتمسيد ومسح أجساد رواد الحمام وإزالة الشعر من الأجساد بل والاستحداد على مايبدو، وفي هذا قَص الأمير أسامة بن منقذ رحمه الله في كتابه الممتع الاعتبار بعض حوادث عصره يدلل بها على انعدام النخوة في الصليبيين خاصة هؤلاء "الأجلاف" القادمين حديثًا من أوروبا، مقارنة بالصليبي "المتمدن" الذي حسنت طباعه بسكناه واختلاطه بالمسلمين في المشرق- أن أميراً صليبياً وجد الحمامي مستحداً (حالقاً لشعر العانة) فاستحسن ذلك وطالبه بفعل هذا له أيضاً له ففعل الحمامي له ما أراد اتقاءاً لشره وحين أدرك الفارس الصليبي الاحساس بالنظافة لأول مرة في حياته، فدخول الحمام مش زي خروجه -كمايقول المثل- فؤجيء سالم الحمامي بأن الرجل قد أحضر زوجته الإفرنجية وقال له افعل هذا للدامه Dame أيضاً ففعل ذلك سالم! ومن لفظ "الدامه"(السيدة) نستدل على أصل الفارس الصليبي، لكن الله حليم ستّار!😄

ورغم احتكاك الصليبيين مع حمامات المسلمين في الشرق (حملات صليبية وتجارة مع الفاطميين ثم المماليك) والغرب (الأندلس) إلا أن انتقالها لوسط وغرب أوروپا تأخر جداً فنجد حمامات المجر انتشرت مثلاً في عهد الدولة العثمانية في مدن مثل جيور Györ وبودابست Budapest

وهي ليست تطوراً للحمامات الرومانية القديمة كما قد يُظن لأسباب معمارية وتاريخية يطول شرحها لكن الحمام الروماني الذي انتشر في روما وشمال افريقيا ارتبط عادة بينابيع المياه الساخنة كما هي في الطبيعة لذا شاع استخدام اسم تيرما من كلمة ثيرما Θέρμα اليونانية والتي منها كلمة"ترموس" (إناء يحتفظ بحرارة السوائل فترة أطول)، واستخدام الحمام الروماني يتم على مراحل أيضاً، حيث يلج المستحم أولا للفريچيديوم Frigidium (حجرة الماء البارد)، ثم يمر بالتيپيداريوم (حجرة البخار) Tepidarium، وأخيراً للكالداريوم Caldarium (أكثر الغرف سخونة بالحمام وبها حوض الماء) وقد اتسعت بعض هذه الحمامات لتضم بين جنباتها ملعبا أو حوضا للسباحة.

أما حمامات الاسكندرية قديما اتسمت بأن المصريين كانوا يستخدمون فيها توابيتهم الحجرية في حياتهم كأحواض للاستحمام (بانيو) دون غطاء وحين يتوفى صاحب المنزل توضع جثته المحنطة في البانيو الخاص به ويستخدم الغطاء الذي كان قد نحت معه عليها لأول مرة في مظهر رائع لإعادة التدوير وبعض هذه البانيوهات التوابيت أعيد استخدامها في العصر الاسلامي كأحواض اغتسال للمرضى أو الاحتفاظ بأدوية بها ولازال منها ثلاث قطع ظاهرة خلف باب مارستان قلاوون بشارع المعز (اليوم مستشفى قلاوون للرمد) بالقاهرة.

ومن ضمن استخدامات المصريين العجيبة للحمامات وإيمانهم الراسخ بإعادة التدوير كانت يعمدون لغرفة تسخين الماء التي تعتمد على الحطب ليدفنون فيرمادها قدور الفول والبليلة، لانضاج أهم طبق في حياة المصريين "الفول المدمس" حيث كانت تدفن القدور بداخل هذه الغرف ذات الرماد الساخن من اليوم السابق وحتى صباح اليوم التالي ليأخذونها ناضجة ساخنة وجاهزة للبيع ويضعون مكانها قدور اليوم التالي ويحدثك الأجيال القديمة عن "فول المستوقد" وطعمه الرائع هذا كثيراً والذي اختفى للأسف باختفاء الحمامات المملوكية من القاهرة شيئاً فشيئاً

أما ما انتشر اليوم تحت اسم منتجع صحي أو SPA ماهو إلا تطور تجميعي للحمامات بأشكالها تيرما ورومانية وتركية ومغربية مع دخول عناصر منالشرق كالتاي مساج Thai massage أو التمسيد/التدليك على الطريقة التايلاندية أما اسم سپا SPA ليس اختصاراً كما يحاول البعض متحذلقاً بتفسير ذلك عنوةباللاتينية Sanitas Per Aquam أي الصحة من خلال الماء، لكن الأمر بسيط جدا فما هي إلا مدينة سپا Spa البلجيكية والتي اشتهرت بمنتجعاتهاالصحية منذ القرن الرابع عشر واختلف إليها الانجليز لهذا لغرض حتى صارت مترادفاً مع المنتجعات الصحية في الانجليزية أولًا ثم باقي لغات العالم-عظيمة يا بلجيكا! 😍😁- لكن اليوم ارتبط اسمها أكثر برياضة سباقات السيارات كإحدى محطات الرالي Rallye الشهيرة (…يتبع)

57 views0 comments

Comments


10 resons2Travel
bottom of page