top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

الرحلة الزنجبارية 🇹🇿 13 لقاء مع الشيخ الزنجباري الجليل (الجزء الثاني)

Updated: Jan 24, 2021




وتحدثنا في قضية التقارب والاختلافات بين المذاهب والفرق الإسلامية:

ففهمت أن الموقف له شقان أحدهما مع الجماعة الوهابية (وهم حنابلة من أهل الحديث لكنهم يرون أنفسهم وحدهم أهل السنة والجماعة) ويظهر جلياً في موقف حدث من الشيخ بن باز أن دعا الشيخ أحمد الخليلي مفتي سلطنة عمان فلبى الرجل الدعوة وذهب له فما كان في هذه المقابلة إلا نبرة استعلائية بأن عليكم أن تعودوا للحق يا أهل عمان…الخ فاستمع الرجل للكلام عن غير طيب خاطر ولم يرد إلتزاماً بأدب الزيارة فهو ضيف، وعاد غير سعيدٍ شاكياً مادار للسلطان قابوس رحمه الله فقال له إذا تفرغ أربعة أشهر واكتب له رداً فوضع كتابه "الحق الدامغ" يشرح فيه معتقدات الإباضية بالكامل ودعى بن باز لمؤتمر بالحرم المكي يستدعى فيه الإعلامان العربي والاسلامي ليتناظران أو يتناقشان أمام الكاميرات بغية الحق ومن يغلب يتبع الغالب، لكن بن باز لم يقبل ذلك بحجة أنه لا يريد أن يُجهر بالباطل.

فتسائل الشيخ الخليلي هب أنني لو كنت راهباً نصرانياً أو حبراً يهوديا أتجادلني أم لا!؟ فإن كانت الإجابة بالقبول أفتمنحهما حق لا تمنحه لي؟!

وقد ذكر الشيخ يوسف القرضاوي بكل خير وأنه من العقلانيين (فابتسمت حين تذكرت أن إخواننا من التيار الأول يستخدمون كلمة "عقلانيين" هذه في وصم مخالفيهم والقدح فيهم بمعنى أهم يقدمون العقل على النص) لكن الشيخ الجليل كان يقصدها حقا وفي محلها فهو من أهل العلم والفهم والخلق الطيب

فطلبت من الشيخ الفاضل أن يوضح في عجالة الفوارق بين مذهب أهل السنة والجماعة والمذهب الإباضي؟

فقال أنه مذهب اسلامي غير مغالٍ وغير متنازل في الاعتقاد وتنحصر الخلافات بينهم وبين الحنابلة في أمور سطحية تعتبر خلافات لفظية في فهم "كتاب الله" المنزل على رسوله المرسل

فنحن نتكلم عن القرآن ولا نتكلم عن "كلام الله" فالقرآن يطبع وينسخ ويتلى وينشر ورقياً وإلكترونياً ومن ثم فهو "مخلوق"، (تذكرت هنا أزمة خلق القرآن التي شاعت زمن المأمون وكلام الجاحظ وابراهيم النظام وآراء المعتزلة في الأمر حتى جاء المعتصم وأنهى هذا الخلاف والجدال الذي لم يكن قط على عهد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين) فذكر أن جميع المذاهب لم تنشأ سوى في العصر العباسي،

فمن ينفي عنه صفة الخلق فنوجه له السؤال "إن لم يكن مخلوقا فهل هو خالق إذا؟!"

(وفي هذا يتفقون تماماً مع الجهمية والمعتزلة في قضية خلق القرآن)

المسألة الثانية هي مسألة الرؤيا (رؤيا الله) "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، وأضاف أن هذه كانت آخر معتقدات الشعراوي أنه أنكر رؤية الله في الآخرة ومن الشافعية من قال بهذا" فليس كل المخلوقات تراها لأن البصر ليس مهيأ لذلك فما بالك بأن نرى الخالق؟!

المسألة الثالثة الخلود في النار: وهي قسمان، خلود الكافر في النار وهذه متفق عليها، فمن يخلد فيها إذاً إلم يكن الكافر؟! لكن القسم الخلافي هو مصير المؤمن العاصي فهم لا يقولون بقول الوهابية في أن يدخل العاصي بمعصيته لجهنم يقضي ما عليه أولاً ثم يخرج منها للجنة لكن إما أن يرحمه الله فلا يدخل النار من أصله أو يدخلها لسوء عمله وفساد معتقده، أي إن أدخله وعذبه فهذا حق ومعناه أن الشخص غلب عليه الكفر وليس مسلماً في قرارته من البداية. (يعني بالعربي كدة اللي يدخل جهنم لا يخرج منها، أعاذنا الله وإياكم)

المسألة الرابعة "أين الله" الإباضية تؤمن أن الله في كل مكان منزه عن المكان كما هو منزه عن الزمان، فهم يرفضون الكلام الذي ينسب أو يقال عن ابن تيمية أن الله يتنزل للسماء الدنيا هكذا ثم نزل من على المنبر وحينها قلت أن كتب بن تيمية لم يرد فيها أنه من المجسمة قط، هو محض رأي أشاعه مخالفوه نشره الرحالة بن بطوطة عن بن الزهراء أحد فقهاء المالكية [مصدر: http://www.fatawa.com/view/1018]. لكن الحق أننا كلنا نشأنا على أن "ليس كمثله شيء" أو كما جعلتها زيجريد هونكه المستشرقة الألمانية عنواناً لكتابها الرائع Allah ist ganz anders


المسألة الخامسة: التأويل لألفاظ القرآن كقضية "استوى على العرش" وتفسيرها بأنه استولى عليه، فأشرت لكلام بن القيم في قصة لام استولى هذه تحديداً، فذكر أن "يد الله" فوق أيديهم هي بمعنى قدرة الله فقلت لُغوياً المجاز وارد وهو من لغة العرب كقول أحدهم "لا أريد أن أرى وجهك" فهذا معناه لا يرد مجالسته حتى ولو تقنّع مثلاً أو جلس بظهره فالوجه مجاز مرسل، ونعرفه أهل السنة والجماعة في آية تحريم الخنزير "حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به" فالتكريم يشمل في الخنزير شحومه وعظامه وجلده وشعره وفي هذا نخالف الظاهرية مدرسة أبي داود الظاهري وبن حزم رحمهما الله الذين يأخذون بظاهر النص كما هو دون حمله في قضية المجاز هذه


ففهمت أن الإباضية معطلة في هذا وينفون أن لله يداً، فاستنكر علي الشيخ وقال أو تعتقد بأن الله له يدان ورجلان وعينان طالما. أنه يبصر؟! فوضحت "كلّا، فكما قلت لفضيلتكم أننا ثابتون في الاعتقاد بأن ليس كمثله شيء وأن الله مخالف للحوادث، لكن حين يحدثنا في كتابه بأنه له يد فنثبتها كما هي دون تكييف كي لا نقع في خطأ المشبهة ودون أن ننفيها كي لا نقع في خطأ المعطلة

فكلمة يد الله ليس معناها أن لها أصابع أو أنهما زوجان يمنى ويسرى أو لعلهما كثيرة متعددة كآلهة الهند (شيڤا) فهذه كلها أخطاء وقعت فيها تصورات الأديان الوثنية هندية كانت أو مصرية أو إغريقية ثم حملت حملاً في تصاوير مايكل آنجلو في لوحة خلق آدم في الكاپيلا سيستينا (المقر الباباوي بالڤاتيكان) التي نجد فيها طالما الله حكيما فصوروه رجلا بلحية بيضاء!


واستمعت في احترام للشيخ الفاضل في تفسيره لمعتقد فرقة الإباضية لأنني أحب أن أسمع منهم بنفسي عنهم لا من غيرهم عنهم حتى ولو كان غيرهم متفقون معي في المعتقد. خاصة وأن الإباضية خاصة من أهل عمان لا ينكرون على مخالفيهم وإن فعلوا فلا يكفرونهم وهذه أراها شيئا حسناً وناضجاً فلا تجد هذا التناحر المذهبي الضيق في عمان كما هو الحال عند جيرانهم سكان نجد والذي صدروه لمصر ولغيرها خاصة في الثمانينات والتسعينات، فلا زلت أذكر في طفولتي أن حين يلتزم أحد بالهدي الظاهر جلباباً (قميصاً كما يسمونه) ولحية ومسواكاً فيسمونه العامة سُنياً نسبة لإلتزامه بالسنة لا تصنيفاً مذهبياً بين سنة وشيعة، فلم يكن آنذاك شيعة في مصر أصلاً منذ القضاء على الدولة الفاطمية.

وكنت أستحسن هذا مقابل ما رأيته في ألمانيا من تطرف بعض الإخوة الذي فاجأنا بالقول أن هناك فتوى من أحد مشايخ نجد بأن لا يصح أن نتعامل مع الشيعة تجارة أو نأكل في مطاعمهم -وكنا في مدينة مونستر الألمانية نداوم على الأكل عند مطعم أفغاني يديره ثلاثة إخوة من شمال أفغانستان كانوا منتهى البشاشة ودمثي الخلق وكان طعامهم حلالاً طيباً- فرددت عليه في حينها وليكن فليجعل فتواه تلك في حيزها الجغرافي لا تبرحها، فنحن هنا مع قلة المطاعم الحلال أصلاً وقلنا الإخوة الأفغان شيعة والإخوة الأتراك صوفية قبوريون فاسدو العقيدة، نروح ناكل بقى عند الألمان halbes Schwein am Spieß (نصف خنزير على السيخ) إيفيه ألماني كوميدي شاع استخدامه في هذه المواقف، طبعاً لم يعجب هذا الأخ آرائي هذه لكنني لم أبال، وطالبته بإعطاء البديل فالله عز وجل حين حرم الربا أباح البيع والتجارة وحرم الزنا أحل لنا الزواج وحرم الخمر أباح الطيبات وأنتم تحرمون بلا نصوص ولا تقدمون بديلاً، فعجباً لأناس دينها ينكر على اليهود والنصارى أنهم اتخذوا من أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ثم يقعون في ذات الخطأ!


#‎بن_فضلان_في_بلاد_الأفريقان #الرحلة_الزنجبارية

58 views0 comments

Comments


10 resons2Travel
bottom of page