الرحلة الزنجبارية ٢ 🇹🇿 مطار نيريري بين ضباعه وصراصير حقله

وصلت مطار چوليوس نيريري بالعاصمة القديمة والاقتصادية والثقافية دار السلام DAR ويشبه مطار القاهرة في الثمانينات -لعله منضمن المباني الكثيرة التي شيدتها شركة المقاولين العرب (عثمان أحمد عثمان) مثل أغلب استادات شرق افريقيا أيام كانت مصر لازالتحاضرة بصورة أكبر هاهنا ولم تترك الساحة لكل من هب ودب (الصين وإسرائيل وتركيا) ، لكن لازال هناك مشروع أكبر سد تنزاني، سدستيجلر/نيريري على نهر روفيجي بإرتفاع 134 متر يقوم به المقاولون العرب مع كابلات السويدي- لكن المطار كان شبه فارغ لدرجة أنيسمعت صوت صرصور الحقل وأنا بصالة المطار فقلت لعلها هلاوس من لم ينم جيدا على مدار يومين ويعاني بالفعل من أرق منذ أكثر منشهر ونصف، حتى أنني أضطررت لإيقاف القهوة بأمر الطبيب والإقلال حتى من الشاي- لكن حين خرجت من المطار وجدت المطار بمنطقةزراعية بها نخل كثيف وحشائش من الساڤانا الغنية فتذكرت مطار جزيرة الفصح الذي كان يشبهه لكن على أصغر فكان الآخر يستقبلطائرة واحدة فقط لاغير ففهمت أن صوت صرصور الحقل كان حقيقيا ولم تكن هلاوس سمعية.

وبمجرد أن غيرت ورقة نقدية أحضرت بها كارت الانترنت إلا وبادئني سائق تاكسي زي النمس كدة عرض على توصيلة للفندق فشكرتهفطموحي أكبر من ذلك حيث أسعى لإيجار سيارة فضحك كضبع عجوز قائلاً أنني لن أجد سيارة واحدة بالمطار وهو للحق إلى حد ما محقفمكاتب الايجارات ليست كثيرة واقرب فرع لAVIS اكتشفت أنه في مومباسا (كينيا) وليس لها تواجد في تنزانيا من الأساس، فصممت علىألا يشمت في الضبع العجوز وجلست في الركن بالآيپاد والهاتف (أفرك) برنامجا تلو الآخر مع ايجاد سيارات أوبر عن قرب بالتوازي حتى لوفشلت في بحثي عن سيارة ايجار فأذهب للأوتيل بالأوبر Uber إن تقطعت بي السبل

وبعد ثلاث عشر دقيقة مع وصلة انترنت سريعة ذات وباقة لابأس بها 38 جيجا مشطت فيها صفح الايجار اليوم وجدت أن "كل العَجَل بره" أي أن السيارات كلها في التشغيلات -بلغة سائقي السياحة في مصر- وبينما أتخيل ابتسامة هذا اللعين الذي يرقبني من بعيد وشماتة أبيالعُرّيف المنتصر لمحت جوسقاً صغيراً (كُشك قد جلست فيه امرأتان وحاول جيرانهما اثنائي عن قصدهما بالصفير (پسسسس) أو بأن آخذتاكسي من عند الكشك المجاور فأهملتهم في اصرار حتى وصلت للفتاة وأمها (حفصة ورحيمة) وكانتا نجدة من عند الله حيث اقترحتا عليأن آخذ سيارة صغيرة أول ثلاثة أيام في دار السلام تقضي الغرض ثم تتواصلان معي لتحضير أول سيارة دفع رباعي ممكنة لطرق المدنالمجاورة أروشا وجبل كلمنچارو قرب الحدود الكينية وأحراش سيرينجيتي قرب بحيرة ڤيكتوريا وحدود رواندا والتي فهمت أن في تنزانيا لاتستطيع القيادة بنفسك فيهما بالسيارات المستأجرة -مثلما كنت فعلت في جنوب افريقيا من قبل- لكن لابد من أخذها بسائق فتنزانيا وطرقهاونظامها تختلف تماماً عن جنوب افريقيا! وبقدر تقدم الجنوب الإفريقي (جنوب افريقيا وناميبيا) حتى أن بالأولى طرق أفضل من كثير من طرق المانيا تمهيدا واضاءة بقدر اظلام وتكسير طرق تنجانيقا (تنزانيا الأرض الثابتة) ففي ثلاثة ايام أصلحت فيها نفس الاطار مرتان! آخرمرة اضطررت لهذا كان من عامين في زيارة لكولومبيا التي كنت أرى أن عيبها الوحيد هو الطرق لكن تنزانيا بطلة العالم في هذا الهم بلامنازع:

شوارع مظلمة ظلام دامس، أعمدة النور بالشوارع الجانبية قوة لمپاتها تذكرني باللمبات "السهّاري" التي كنا نغيرها للجيران حين تكسراحداها بالكرة الشراب -لأجيال الپلايستيشن: كنا في ثمانينات القرن الماضي نلعب الكرة التي كنا نبدعها من الجوارب القديمة والجديدةأحياناً المحشوة بالخرق البالية- فكانت تقسو أحيانا هذه الكرات الصغيرة القوية على هذه اللمبات الكمثرية حين تعانقها جراء ركلاتنافنضطر لتغييرها للجيران نظير أخرى عادة أقل كفاءة لزوم تقضية الواجب، وهكذا تفعل الحكومة هنا مع شعبها الذي يتحسس في الظلام!

وتتسم شوارع دار السلام بظاهرة المخرات الجانبية لمياه صرف الأمطار وكنت قد رأيتها في ساوپاولو البرازيلية بطول الطريق في المنتصففي الطرق الرئيسية وعلى جانب الشارع في الشوارع الجانبية، حتى إن أردت عمل يوترن فتضطر للسير مدة محترمة قبل أن تجد مكاناًتستطيع منه عبور ناحية من الشارع للناحية الأخرى وإلا تنزلق السيارة في هوة سحيقة بها ماء الصرف. لكن للأمانة الكهرباء هنا مدفونةفي الأرض وفي هذا تنزانيا أراها أفضل من نيويورك New York وساوپاولو São Paulo في بعض جنباتهما اللتين لازالت كهربائهم معلقة في الهواء على أعمدة في أماكن كثيرة من المدينتين الأمريكيتين.

#‎بن_فضلان_في_بلاد_الأفريقان #الرحلة_الزنجبارية

بن_فضلان_في_بلاد_الأفريقان