top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

الرحلة الزنجبارية ٤ 🇹🇿 تحت شمس كليمنچارو

Updated: Jan 24, 2021


لطالما أزعجني اهتمام الغرب ببلادنا وبلاد اخوتنا في افريقيا أكثر من اهتمامنا بل والوقوع الطرفين في خطأ استعلاء الشماليين عن أفارقةجنوب الصحراء والعنصرية المضادة من الجنوبيين والنظر للشماليين أنهم ليسوا افريقيين بالقدر الكافي فنحن موزونجو Muzungu بالنسبةلهم كلمة تشبه شاحب الوجه التي استخدمها سكان أمريكا الأصليين (لوصف الأوروبيين الغزاة)

وأثار هذا الشجن سؤال "وينس" مرشدي في قرية مورونجو وهي أفضل مكان قريب من أروشا لرؤية قمم جبل كليمنچارو لكن عليك أنتحرص أن يكون ذلك بين السابعة والعاشرة صباحاً وإلا تكاثرت السحب والضباب لتختفي وراء الحجب وقد تظهر قبيل الغروب وقد لاتظهر

وبالقرية يمكنك التجول حتى شلالات كياسي… ومعناها باللغة المحلية هنا الشلالات التي ليس لها نهاية، في الواقع ماليس له نهاية هناليست الشلالات وحدها لكن درجات السلم الصعب والخطر المؤدية إليها -فله درابزين من فروع الشجر النحيفة والمتأرجحة- والتي نزلتهابحقيبة الظهر الثقيلة نوعاً وصوت خرير الماء والطيور يسكر سمعك وجمال الشمس وانعكاسها على قمم الجبال الجليدية والطبيعة كلها منحولك ولطف الناس يغشى بصرك ويسحر أعين الرائي فلم أحس بالنزول منساقا وراء الفضول ورغبة الاستكشاف لمنابع هذا الجمال وصوتموسيقي إلهي فلنسمه جَنَك (هارپ) الماء فقط احذر ألا تنزلق قدمك من أي هذه الدرجات المتراكبة في غير انتظام لحوالي 300 متر من سطحقرية مارانجو من بين بيوت المحليين البسيطة وأشجار الموز الكثيفة لتصل بأسفل لمنطقة ذات صخور أركية بركانية (تشبه صخور الجنادلالست في نيل النوبة أو نيل أسوان) ينساب من خلالها ماء ثلوج كليمنچارو مترقرقاً متفلتراً طبيعياً حتى أنني لم أقاوم رغبة دفينة كانت أحدأحلامي أن أشرب من ماء النيل بارداً عذباً صافياً على طبيعته كما فعل الأجداد دون فلاتركم تلك التي تأفكون!

وحين عرف وينس من أين أتيت فاندهش وقال لم أر في حياتي مصرياً واحداً في كليمنچارو، لماذا لا تأتون لزيارتنا؟! فكدت أدمع وقلت لهياصديقي لأننا كأبناء افريقيا أغبياء نهتم بغيرنا وبمن لا يهتم بنا ولا يأبه لمصالحنا بل من يستغلنا وينهبنا على حساب اخواننا! فسواء نحنفي الشمال أو حتى أنتم بالجنوب إن سنحت فرصة السفر لأي منا فنختار أوروبا وأمريكا على الذهاب لبلادنا البعض وإن تعلمنا لغة أجنبيةفتكون لغات السيد الأوروبي الأبيض رغم القواسم الكثير المشتركة ليس فقط في الماء والدم والعرق بل والثقافة كلمات عربية كثيرة تستخدمفي السواحلية وفي الأدب السواحيلي ملحمة شعرية تتألف من ربع مليون بيت (نعم أبياتها فوق المائتي ألف) لخصت سيرة النبي محمدوصحابته الكرام، بينما إن قمت بغربلة الشعر العربي قديمه وحديثه تجد ثلاثة أرباعه في الخمر والنساء والربع الباقية تحت بند اخرى(حماسة وفخر وحكمة وغيرها، اللهم إلا الإلياذة الاسلامية لأحمد محرم التي حاول نظم التاريخ الإسلامي فيها)

بينما تجد الغرب أقرب لهم منا: إرنست همنجواي الأمريكي يكتب عن ثلوج كليمنچارو (مجموعة قصصية) مثلت احداها فيلماً هوليودياًجريجوري بك و ريتا هيوارث (هاري وهيلين) اللذين تعطلت سيارتهم في رحلة سفاري واحترق محركها وأصيب في ساقه وكانت النجدة فيانتظار الطائرة من أروشا التي أكتب منها ولولا اتفاق السلام الرواندي وذكرها في الأخبار ما سمعت عنها من قبل!

وحديثاً قامت كاتبة سويسرية من أم ألمانية وأب فرنسي كورينا هوفمان Corinna Hofmann بتسجيل سيرتها الذاتية في رواية الماسايالبيضاء die weiße Massai تتناول فيها حياتها بعدما اقترنت برجل من الماساي في شمال كينيا من محاربي السامبورو Samburu وتعرضت لما اعترض حياتها ومحاولتها على التكيف -على حد وصفها- والتي فشلت أمام اختلاف الثقافة وعادات وتقاليد السامبوروالاجتماعية ومشكلة الخِفاض (ختان الإناث) فأخذت ابنتها من هذه الزيجة وهربت لأوروبا لسنين قبل أن يستطيع الأب رؤية ابنته (كلاسيكوفي زيجات مختلطة) لكنها تعاملت مع خصائص الماساي الثقافية بالإستعلائية الاستعمارية البيضاء المعهودة، لدرجة لم أستسيغ معهااستكمال الفيلم وقمت في منتصفه ساباً ولاعناً رغم اهتمامي الشديد بالموضوع لكن …المرارة غالية!

بينما لا أذكر رواية مصرية عن افريقيا وأهلها اللهم إلا عمالقة الشمال لنجيب الكيلاني رحمة الله عليه التي كتبت في الخمسينيات أوالسيتينيات. ولم أر لها نظيرا في المكتبة العربية!

فهل هذه علاقة اخوة أو اندوجو كما تطلق التسمية على مجموعة دول حوض النيل؟!

ومن صور هذا الانفصام بين الإخوة، لولا مباريات التصفيات ودورة الألعاب الافريقية لما عرف الإخوة الدم والماء جيران ذوي القربى أعلامدولهم البعض (سؤال للقاريء العزيز كم علما افريقيا تتذكر الوانه ولو من دون ترتيب وكم علما تستطيع التعرف عليها؟) وللمقارنة كم علمااوروبيا تحفظه عن ظهر قلب. وتتذكر الوانه غيبا؟!

حتى أن كان لي رأياً أيام دورة الألعاب الإفريقية في مصر حورس ١٩٩١ لماذا لا نهتم أكثر بهذه الدول وعلاقتنا بهم من خلال هذه المحافلالرياضية خاصة مع تلك في شرق إفريقيا التي في يدها محبس الماء ومن ثم أسباب الحياة لوادي النيل بأسره؟! طبعا اجابة أذكياء عصرهموقتها: "هي الدول دي بتفهم كورة؟!" صحيح فنون الكرة الإفريقية تتركز في الغرب والجنوب لكن من قال أن الغرض من هذه المحافل هوالرياضة البحتة؟! فالألعاب الأوليمپية في بلاد اليونان قديماً كان لها أبعاد وأهداف سياسية بل ودينية وحدت الشعوب الهيلينية وساهمت فيالربط بينهم. وحتى إيران وتركيا كانتا أو لعلهما لازالتا تنظمان دورات ألعاب أوليمپية خاصة بالشعوب التركية أو الإسلامية تجمع فيهاأواصر تعاون وصداقة شعوب المنطقة لأغراض سياسية ولضمان المصالح الجيوسياسية وهكذا إن لم تكن أنشطتك الرياضية بغرض سياسيثقافي وحفظ أمنك الاستراتيجي فأنت حقا تلعب بل وسيلعب بك الكرة عن قريب!


32 views0 comments

Comments


10 resons2Travel
bottom of page