top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

الرحلة الزنجبارية ٦ 🇹🇿 شاي امنحتب باللبن والأسد الجبان

Updated: Jan 24, 2021



انس الغرف الفندقية ذات الضيافة السويسرية وأكاذيب المنتجعات الصحية ذات النجوم وتقييمات ميشلان الآن، فأنت في حضرة أكبر غابةفي العالم وسط الأدغال الحقيقية فبعد مرورك على قرية لأحد الشعوب البدائية من عرقية البانتو الوثنية والتي عرفت أنهم بهذه المنطقة يعبدونبها "أنياب الفيلة" وقد حاولت الحكومة ابعادهم عن المنطقة لتنميتها سياحياً لكنهم لجأوا لساحر القرية الذي أتعب نقطة الشرطة في المنطقةبقطع الكهرباء عليهم لمدة شهر لم يستخدموا فيها شيء سوى الشموع لأن المصابيح ولمپات الكشافات Tourch كانت تتلف حال استخدامهاأو خلال يوم أو اثنين -ممكن العفريت بيشتغل حد وأربع بس 😁- فعمدت الحكومة لتعديل اتفاق معهم أنهم لن يضطروا للنزوح لكنليشاركون في مشروع التنمية بعمل سوقاً للسائحين في قريتهم.

وغالب ظني أن الأمر لا يخلو من أحاديث المرشدين التي كنا نلجأ إليها أحياناً مع بعض الزبائن خاصة بتوع الإيزوتيرك Esoterik والروحانيات وعشاق الدجل ومعتنقية فضحكت في ذهني وقلت اللي كنا بتعمله في الناس هايطلع علينا ولا إيه بصوت المرحوم سعيد صالح!

بخ بخ، يا ابن فضلان ولا وبقيت إنت الزبون وزمايلك التنجانيقيون يودون التحفيل عليك ويحسبونني ممن يخاف قصص العفاريت والسحروكدة فضحكت وأنا أستعيذ بالله من داخلي تحقيقاً لا تعليقاً فتركته يسترسل كما يحلو له حتى وصلنا بوابة المعسكر حيث مقامنا بإحدىالأكواخ الخشبية داخل المعسكر والكوخ الخشبي أشبه بمنيزل صغير وسط الغابة حيث لا تكف أصوات صفير الجنادب والأبراص وزقزقاتالطيور التي تعرفها ولا تعرف حتى اسمها أو رسمها لكنها سيمفونية متكاملة من العزف يهدأ ايقاعها ليلاً ليستأنف مع بزوغ أول ضوء منالفجر. السراير (اثنان كبيران واثنان صغيران) بداخله مغطاة بناموسيات من قماش التول الأبيض (المكان مهيأ لستة أفراد بالأساس) علىالحائط معلقة أسلحة ودروع محاربي الماساي وقناع بانتوي (لشعوب البانتو) من تلك التي نسميها نياو Nyau والتي يستخدمونها فيرقصاتهم وهي تختلف تماماً عن أقنعة الماساي في طريقة صناعتها ولا توجد بها فتحات سوى عند العينين (تشبه أقنعة حوض زائيروالكاميرونية) بينما أقنعة الماساي بها فتحات أكثر ومسطحة -كنت اهتممت بموضوع الأقنعة هذا حين كنت في بروكسل حيث تجد بسوقالكانتو هناك ماجمل وحسن بأثمان معقولة من بقايا حقبة الاستعمار البلجيكي لإقليم أوروندي Urundi الذي قسم بعد ذلك لدولتي روانداوبوروندي- لكن الحمام جيد به ماء ساخن وبارد وبانيو للاستحمام ولا ينقصه سوى بيديه أو شطافة يدوية.

بمجرد خروجك من الكوخ باتجاه المطعم تجد خادماً فارع الطول موكل بك يتقدمك في ذهابك وايابك حاملاً لكشافٍ في يده ولديه خنجر معلقبجراب جلدي في خصره حيث يرافقك حتى باب المطعم حيث العشاء الساخن ينتظرك،

وكان المطعم بداخل كوخ خشبي آخر لكنه أكبر ذي موبيليا كولونيالية لكن بها بساطة تتتاسب مع المكان أغطية المائدة والفرش مخططة كجلودالحمر الوحشية وكأنها فستان ماتينيه لحسناء أوكرانية والأعمدة من حولك محاطة بجدائلها الشقراء فالأعمدة الخشبية مثبتة بحبال سميكةفاتحة اللون

وأتت النادلة فتاة افريقية منتهى اللطف والتهذيب تضع أطباق الحساء لتخبرنا أنه مساء الخيار!

خيار؟! لعلها تقصد خيار الناس أو الخيار الحسان، لكن فعلاً هو ساخن ومثقل بالكريمة والزنجبيل وقليل من الفلفل الحار لكنه يسبح فيهالخيار فعلاً يبدو إنه اختراع تنزاني وبن البيئة فلم أقف عليه في أي مكان من قبل. وبعدما انتهينا منه رفع ليأتي "والي نا ساماكي" (أرزوسمك بلطي نيلي فيليه معمول كصيادية بفلفل وبصل وطماطم) وما إن رفع أتت الفاكهة الاستوائية والشاي لكن حين سأل أحدنا عن حليبأو كريمر فقيل لنا لحظة واحدة ومرت أربعة دقائق حتى وضع لنا اناء من الخزف عرفنا أن النادلة النشيطة أتت لنا به حالاً من الأبقار بقريةالجماعة البدائية في أول النزل والتي تغذت على مراعي الساڤانا الغنية المحيطة!

حينها أحسست أن الشاي باللبن أمامي هو بنفس طعمه على قهوة المعلم أمنحتب في الأسرة الثامنة عشر عند مزلقان طيبة قبل افتكاسالبشر فيما بعد للأعلاف المصنعة والأدوية والأسمدة الكيماوية وطرق الرعي الجائر والحظائر اللاحيوانية واللآنسانية

لكن ألطف تحذير سمعته على مائدة الإفطار كان أن هناك أسداً قد يقترب من المطعم المفتوح حيث نجلس بدوره الأول، فلا تجزعوا ولا تخافوا فهو حيي ويخاف أن يدخل أصلاً فإذا حضر فيمكنكم التقاط الصور معه بالخلفية!

69 views0 comments

Comments


10 resons2Travel
bottom of page