top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

🇦🇱 الرحلة الكورونية ...12ألبانيا الجميلة ولقاء الرفاق ‏الألبان/الأرناؤود/الشيپتار

Updated: Oct 28, 2020

آخر لقاء بيننا في ڤيرڤييه (بلجيكا) ومونستر (ألمانيا) أيام الدراسة فكان لقاءا جميلاً احتضنا بعض فيه صارخاً أحدهما في وسط المقهى "اللعنة على الكورونا!" وصديق ثالث عزيز لنا من تيرانا لكن لن أستطع رؤيته في زيارتي هذه المرة حيث صار سفيراً لبلده في دولة هامة كان ينهي بها آخر فصوله الدراسية في العلوم السياسية

الرحلة الكورونية 12...ألبانيا الجميلة ولقاء الرفاق الألبان/الأرناؤود/الشيپتار هي ثلاثة أسماء لشعب واحد فريد، الاسم الأول ألبان Albaner تستخدمه أغلب اللغات، بينما الثاني أرناؤود/أرناڤود Arnavud يستخدمه الترك والأخير هو اسمهم لأنفسهم في لغتهم شيپتار/شكيپتار Shqiptarët التي هي احدى الأفرع التسعة من اللغات الإندوأوروپية, ولها لهجتان يفصل بينهما نهر شكومبين الجيجية شمالاً والتوسكية جنوباً وكان لهما نظامي كتابة مختلف حتى عام 1972 حيث تم توحيده فيهما وهي لغة رسمية لكل من البانيا وكوسوڤا ومقدونيا والجبل الأسود (مونتينيجرو)، ومعترف بها في كل من ايطاليا ورومانيا عددهم في الدياسبورا (الشتات) مثل أعداد اليهود خارج فلسطين واللبنانين خارج لبنان والأرمن خارج أرمينيا أي أكثر من تعدادهم داخل الكيان السياسي الأم، ففي تركيا واليونان من أربعة لخمسة ملايين بكل منهما والولايات المتحدة مليونان ونصف المليون ثم ايطاليا والمانيا ومقدونيا بمليون وربع بكل منها وفي المنطقة العربية بها سبعون ألفاً يعيشون كلهم بمصر، منذ أن جاءوا محمد علي الكبير الذي كان من ألبان شمال اليونان (كاڤالا/قولة) وكنت أظن أن كل "شكيپ" هو منهم لتقارب الاسم واسم الشعب "شكيپتار" لكن شكيپ أرسلان أمير البيان رحمه الله كان عربيا من الدروز وقد تسنن ولم أطلع له على أصولٍ ألبانية. لكن أسماء عائلات مثل أرناؤوط و أرناؤود (بالدال أو بالطاء كلاهما وبياء النسب وبدونها) ألباني أم ايطالي أم يوناني: تذكرت عبارة يستخدمها الألمان أحياناً للسخرية من شعوب بعينها متقاربة -في وجهة نظرهم- في نفس الحيز الجغرافي، ولقد قيلت في اليونانيين أو في الأتراك آنذاك كنوع من مهاجمة العنصرية بعنصرية مضادة ألا وهي "وما اليوناني إلا شخص تركي، حاول أن يتصرف كإيطالي!" Der Grieche ist nicht anders als ein Türke, der sich wie ein Italiener ausgeben wollte!“ قد تكون مضحكة جدا للألمان لكنها تثير سخط اليونانيين والأتراك معاً جداً لإحساس كل منهما بهويته المتفردة، رغم من تداخل كثير من الثقافات في بعضها البعض تأثيراً وتأثراً وهجراتاً، فلي صديق مثلاً من ألبان ايطاليا (حيث هاجرت عائلته من حوالي مئة وخمسين عاماً لصقلية) فهم اليوم ايطاليون حسب الكتالوج طباعا ولغة وثقافة حتى أنهم تكثلكوا مع الوقت رغم احتفاظهم بلغة خاصة بجانب اللغتين الصقلية والإيطالية وكذلك بأسماء عائلات تميزهم بالجنوب الايطالي منها ماهو صريح مثل "ألبانيزيه Albanese" أي ألباني أو ماهو تعميم ناتج عن سوء فهم مثل "جريكو Greco" ومعناها يوناني، وهو لفظ خلع على الأرثوذكس النازحين لصقلية إلى أن صار علماً لبعض العائلات (اسم عائلة Cognome) حيث أن هذا الدين الوافد على ايطاليي هذه المناطق لم يكونوا يعرفونه سوى من شعوب اليونان، وهو أشبه بوصفنا كمشارقة لدى پرتغاليي بداية الحقبة الاستعمارية/وحروب الاسترداد بأننا "موروش" (مغاربة) (فهم لم يعرفوا هذا الدين وحركاته من ركوع وسجود سوى من المغرب (مراكش) فصار علماً على كل مسلم لديهم حتى لو رأوه في أقصى الشرق بجزر الفلپين فصار اسم مسلمي الفلپين "مورو" (في صيغة المفرد) ومن أصبح علماً عليهم ومن ثم كانت "جبهة تحرير المورو". وحتى ڤولفجانج جوته العظيم لم يسلم من هذا التعميم في رائعته "فاوست" حين قال على لسان أحد العوام الخارجين من الكنيسة يوم الفصح رداً على سؤال دكتور فاوست عن محبوبته جريتشن مندهشاً لتجمع الناس في هذا الوقت فقال له "هذا عيد الفصح أيها السيد، هل أتيت من بلاد الأتراك!؟" طبعا لم يكن المقصود الاتراك تحديداً لكن المسلمين بصفة عامة فنحن جميعاً لديهم أتراكاً، وللبرتغاليين أيام الريكونكيستا مغاربة (موروش) و للإفرنج (الفرانكفونين) عرباً، ولعلنا ألباناً أو بوشناقاً للصرب، لكنني لا آبه لتصنيفاتهم فأنا انسان مسلم مثمن اللغة مثلث الوثائق أحمل ثقافات مختلفة بداخلي وأعتز بها جميعاً أما الوثائق فلا أميل لترجمتها بكلمة هوية لأنها محض وسيلة للتنقل لتسهيل/أو لإعاقة الحركة بين حدود وضعها بشر لتضيق على بشر آخرين معايشهم وأرزاقهم بحجة التنظيم واعلم يحفظك الله أن هذه الوثائق لا تضيف لمكوننا الانساني أية قيمة بل نحن من يضيف لها القيمة فهي مجرد أوراق باردة ذات أختام ملونة، أما الهوية فهي ما تحمله بين جانبيك وتعرف نفسك به ولا يستطع أحدهم مصادرتها منك. وحين يذكر ألبان الدياسپورا (ألبان المهجر)، لابد من ذكر صديقي العزيز فلوري من "ألبان سويسرا" (شايفك يا اسكندراني ياللي بتضحك!) الذي حمل على عاتقه نضالهم السياسي لعدة اصلاحات منها أن يكون لهم حق التصويت كألبان الداخل خاصة وأن عددهم بالخارج أكبر بكثير من عددهم بالداخل كما وضحت بعاليه وصديقي الآخر فيسنك وهو من أطيب الناس قلباً وأحسنهم خلقاً وإسلاماً عاد للوطن في تيرانا كمدير اقليمي في منطقة البلقان لشركة ألمانية مشهورة لمستحضرات العناية بالبشرة إلا أن هذا لم يكن ليرضي طموحاته فافتتح شركته الخاصة في التمويل العقاري والتي صار لها أفرع في عدة دول. واليوم قابلتهما بعد ثلاثة عشرة/وسبعة عشر عاماً من آخر لقاء بيننا في ڤيرڤييه (بلجيكا) ومونستر (ألمانيا) أيام الدراسة فكان لقاءا جميلاً احتضنا بعض فيه صارخاً أحدهما في وسط المقهى "اللعنة على الكورونا!" وصديق ثالث عزيز لنا من تيرانا لكن لن أستطع رؤيته في زيارتي هذه المرة حيث صار سفيراً لبلده في دولة هامة كان ينهي بها آخر فصوله الدراسية في العلوم السياسية حيث عرض له أن يكون مساعداً في سفارة بلده بتلك الدولة بوسط أوروپا أيام دراسته ويشاء العلي القدير أن يمرض السفير لفترة فقام بالأعمال جميعها كي يحافظ على البعثة وحين طال مرض السفير الأصلي ولمسوا منه اتقاناً وأمانة في أدائه فتم تصعيده مباشرةً إلى قائم بأعمال السفارة ثم سفيراً رسمياً، وصار سعادة السفير! أخبرني أصدقاء مشتركون أن كان يتنقل في العاصمة الوسط أوروپية الهامة بسيارة دپلوماسية سوداء ذات علمين في جانبيها! :)) طبعاً أمر مثل هذا في دول تحشر أعداد العاملين في سفاراتها بالخارج حشراً (بسبب وبدون سبب فقد ترى بعثة طويلة عريضة في بلد ليست بها جالية أصلاً!) شيء مستحيل فلابد أن تكون سكرتيرا ثالثا أولا ثم ترتقي في السلك شيئا فشيئا ثم قنصلاً ثم سفيراً والسفراء درجات فسفير في غينيا بيساو مثلاً ليس كسفير في البرتغال أو كسفير في أمريكا وألمانيا وبلاد صناعة القرار ناهيك عن التقييم بأنك بن فلان أوقريب علان لا وفق الكفاءة، طبعا دعنا من مثل هذه المقارنات التي تنغص على الواحد رحلته و"مالناش دعوة يا موهي" - بصوت لي الفتاة الصينية لهنيدي في فيلم "فول الصين العظيم". والألبان في مطاعمهم ومقاهيهم وباراتهم يقدمون مستوى راقٍ جداً يسمح لسياحة ممتعة وبسنتات قليلة، أمثلة حية: - شاطيء رانا إي هيدهون Rana e Hedhun(الرمال الساقطة) الفارغ الذي تراه في الپوست السابق تدفع لثلاثة شيزلونجات وشمسية ليوم كامل أربعة يوروهات ونصف! في حين أقل شاطيء في ڤارنا بالبحر الأسود ايجار كل قطعة خمسة يوروهات، أي عشرين يورو نظير ماسبق. - ستجد هنا كثيرون يتحدثون الإيطالية خاصة الشباب بينما في بلغاريا بدون الروسية لن تسعفك الانجليزية في كل الأماكن، لا تنس أن الأماكن الأفضل عادة ما تجدها في أماكن يرتادها النخبة من المحليين وليس ما يعرض كخيار أول للسائحين. - المطاعم هنا تجمع بين الشرقي والبحرمتوسطي وخدمة ذات مستوى أوروپي عال وبسعر زهيد جداً. فيبدأون كذلك بالآنتي پاستي (المقبلات) غارقة بزيت الزيتون الفاخر المعصور على البارد Extra Virgine والزبادي في الأواني الفخارية الذي أغلبه من القشدة وطعم يأتيك من الطفولة بجانب أشياء تقليدية أخرى من أجبان ماعز وغير ماعز والعمدة بين هذه الأجبان الپارميدچانو (على طريقة مدينة پارما الإيطالية) والكشكڤال وهي ألبانية تشبه الكاتشوكاڤالّو الايطالية ورائحة وقوام الرومي المصرية لكن الجديدة (التركي وفقما يحلو للسكندريين تسميتها) وأجهزنا على كتف جدي أنضج على نار هادئة حتى فارق اللحم عظمه بوصفة الأخ عصمت شيهو، الذي طهى لملكة بريطانيا اليزابيث الثانية في مسابقة مدرسته اللندنية، ولديه سلسلة مطاعم بتيرانا. - ولأول مرة أشرب الTraubenmost وهو عبارة عن عصير العنب رائقاً بلا تقطير أو أية اضافات من سكر وخلافه فهو يشرب طازجاً في يومه ولا يترك (لا يُنبذْ) حتى يصير نبيذاً والنبذ هي مجموعة عمليات كيميائية أهمها الKelltern والتي بدونها لا يتحول العنب خمراً، فهو أشبه بعصير القصب الطازج مقارنة بشراب الروم الكوبي Rum de Cuba، إلا أنه للدقة لا يسمى عصيراً، وإنما سُلافة عنب لأنه لا يضاف له سكر أو أي شيء لتحسين طعمه لذا ستجد في طعمه شيء من عروق العنب وطعم البذر فيكسبه رومة عشبية ونسبة الكحول فيه أقل من 1% تماماً مثل اللبن الرائب بأشكاله العديد Buttermilch, كِفير Кефир والقُمّز (لبن الخيل المحمض) Кумыс، والشوباط لبن النوق Шубат ، أو خل التفاح أو العنب Apfel- & Traubenessig، الطريف أنهم يقدمونه في كؤوس كبيرة أشبه بتلك التي يصبون فيها النبيذ الأحمر، ولا تملأ عن آخرها كما نعهده في أكواب العصير الرخيص ولأن من ثقافة الألبان وتقاليدهم صناعة النبيذ من الكروم فهم يشربون عصير العنب الأحمر أو الموست (سلافة العنب) كذلك بنفس ذات الكؤوس، وبعد شرح وبحث وطرح على من أستأمنه الذي أشرت إليه بالكأس ممازحاً إن كان خمراً فسيظهر أثره علي مباشرة لأنني لا أقربها كما تعلم، فيقول لي بعربيته ذات اللكنة التي تخالجها التقوى أستغفرالله أخي، فقلت له نعم أستغفره لما كان مني من الشك في أصدقائي الذي كاد يقتلني، وقلت ماذا أحدثوا بعدي، وفي الآخر يطلع عصير عنب، عفواً سلافة عنب!

50 views0 comments

Comments


10 resons2Travel
bottom of page