top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

تخطيط رحلاتك..هل أنت بطة أم نورس؟

Updated: Oct 29, 2020


من الجميل أن يكون لديك ممولاً لأسفارك سواء جدٌ يدعمك أو والداك تقلب منهما قرشين أو أن تكون أشطر قليلاً وتجد راعياً رسمياً لأسفارك Official Sponsors كما يفعل بعض صناع المحتوى في أيامنا هذه، لكنني والحمد لله ممن ينفقون حر أموالهم في هذه الهواية التي طالما كانت مصدرا للدخل الجيد أيام احتراف السياحة إلى أن تحولت وصارت الهواية الأكثر تكلفة من بين هواياتي العديدة لذا سأهتم بحالة ذاتيي الموارد ممن يمولون أنفسهم بأنفسهم مثلي بلا رعاة! لازلت أذكر أول رحلة لي شخصياً حين حصلت على ثلاثين قرشاً (نصف دولار تقريبا آنذاك) تكفي لتذكرة الأتوبيس (26ج) حتى المتحف المصري بميدان التحرير -فلم يكن المترو قد أنشيء في بدايات الثمانينات بعد- وكان سعر تذكرة الباص أيامها خمسة قروش "شلن" Schilling تلك الورقة المالية المزينة برأس نفرتيتي عليها لمن يتذكرها, ليتبقى بعد ثمن الرحلة ذهاباً وإياباً عشرون قرشاً كاملة ثمناً لتذكرة الدخول وفقما خطط أبي وأمي لي ولأن أبي -رحمه الله- كان دائماً مشغولاً وليس لديه وقتٌ لإيصالي بالسيارة إلى هناك فقمت بأول رحلة Excursion بأتوبيس هيئة النقل العام حتى ميدان التحرير وسألت عن المتحف وكأنني قرويٌ ولست قاهرياً كابرٍ عن كابر وأسكن في ميدان بوسط المدينة لا يبعد كثيرا عن ميدان التحرير! لكنها روح المغامرة والاستكشاف التي تلبست طفل صغير في السابعة من عمره يحقق أول أحلامه بسفر مستقل عن الأهل لأكتشف الدنيا بنفسي وأن تذكرة الدخول للطلبة بعشرة قروش فقط وليست بعشرين كما أخبر أبي من قبل فلمعت عينا شمويل الصغير إذا سأعرج في طريق العودة على مكتبة الكيلاني بوسط البلد لعلي أجد قصة لطيفة من سلسلة المكتبة الخضراء أو لعله كان خميساً فتكفي لمجلة ميكي ودخلت المتحف العظيم من العاشرة صباحاً وحتى الرابعة والنصف حين سمعت جرس الإغلاق فكنت أحرص على قراءة البطاقات الموجودة بجانب القطع طول النهار بلا ملل أوكلل وتأملت القطع ذاتها متفكرا فيما يزعمه الناس عن لعنة الفراعنة لعلها هي التي أجلستني كل هذا الوقت وحبستني عن طعام الغداء ولولا النفير لبقيت في القاعات حتى الليل أو أن أنتهي من هذا المتحف لكن هيهات فلم أكمله كله كما تمنيت! لا بأس فلقد كانت أول خروجة لي وحدي، وكانت أمي قد ظنت أنني تهت أوخُطفت إلى كل تلك الأفكار الكلاسيكية لدى الأمهات الشرقيات رغم أن قاهرة الثمانينات كانت آمنة جدا لكنني تعرفت لحديثها هذا من تعليقات إخوتي الكبار حين عدت "أهو القرد بتاعكم رجع أهه!" سمعت هذا ضاحكاً مشرئب العنق وملوحاً من على الباب في كل تيه بغنيمة الإياب "مجلة ميكي" وتذكرة رسم الدخول للمتحف المستعملة وتذكرتا الأتوبيس، فيالها من حصيلة ليوم رائع ذي نصر مؤزر وماكان ليجيئ إلا بعد زن متواصل على والداي وصار لي كل شهر رحلة كهذه إن تحليت بالطاعة! مرة لمتحف الفن الإسلامي وهذه أيضاً كانت وحدي ومرات بمرافقة أمي -حفظها الله- للفسطاط ولسيدنا الحسين أو السيدة زينب فارتبطت بالآثار وكل ما تحوي من تاريخ وحكايات بتفاصيل كنت أنصت لها أو أبحث عنها في شغف عجيب منذ أيام الطفولة المبكرة وكبرنا ولم تعد تسعنا الثلاثون قرشاً أو ما كنت أوفره من المصروف والعيديات لهذه الرحلات لكن الاستراتيجية نفسها لم تتغير أقلل من مصاريف معتادة لدى أقراني فلم أكن أشاركهم الخروج سواء لمتنزهات أومقاهي فيما بعد لأوفر المال لهواياتي من اقتناء الكتب والسفر والطوابع البريدية والمجلات وغير ذلك… ولأن التوفير ليس فقط في المال بل في كل الموارد من وقت وصحة وغيرها, فلم أدخن لفائف التبغ قط أو أقضي إجازتي السنوية كاملة في مصر مثلما يفعل أصدقاء لي ثم يندهشون أنّى لي بكل هذه الإجازات؟! رغم أنني وضحت أكثر من مرة أننا قانونا لدينا 26 يوما في السنة وارتفعت لشهر كامل من سبعة أعوام تقريبا, تضيف إليها حوالي اثناعشر يوما (أعياداً دينية وقومية) ويتخللها عطلات السبت والآحاد فتكمل بذلك شهرا إضافيا تقريباً فإن قسمت هذين الشهرين على العام صار لديك نفس عدد أيام إجازاتي خاصة وأنني لا أقضي أكثر من خمسة أيام بالقاهرة وعشر في مصر كاملة -وهذا كافٍ إن استكفيت- فلديك بهذه الطريقة شهر ونصف كل عام تستكشف فيها العالم بأسره أنى شئت وكيفما شئت -إن أردت- أما وإن لم تستكف فلن يكفيك الشهران الكاملان وستمر الأجازة كسابقاتها كلمح البصر من دون أن تذهب لأي مكان! أعلم وأقدر أن يميل البعض للتنبلة في مسقط رأسه كي تزغطه أمه وأخته وخالاته وعماته كذكر البط قبل موسم عاشوراء…فليفعل، فهذا حقه ومريح لا شك لكن متى سيرى الدنيا وأرض الله الواسعة؟! أوعلى الأقل لا تشكو إذاً من قصر إجازتك فأنت من يخططها بيده ليضع بها في سلة واحدة وأنت من يحدد الأولويات وعليك إذا الاختيار إما تكون دكر البط الدمياطي أو نورس قطبي يقطع 40 ألفاً من الكيلومترات بين القطبين في هجرته كل عام!

53 views0 comments

Comments


10 resons2Travel
bottom of page