top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

🇮🇩 خواطر عن جاكرتا في الطريق مع باكثير

Updated: Aug 31, 2020



هذه الزيارة متأخرة عام كامل، حيث كان مقرراً لها العيد الأضحى السابق، ولقصر وقت الإجازة السابقة ولارتفاع ثمن التذاكر فغيرت وجهتي إلى بلد عربي حبيب إلى قلبي، المغرب، وعادة صلاة العيد الأضحى تحديداً أو العيدين إن استطعت له سبيلاً في بلد جديد مع مسلمي الأرض شرقها أو غربها، هي عادة استطعت المحافظة عليها منذ عقد الآن، حتى صارت طقساً أو طريقة لي، "الطريقة الإبنفضلانية" في الاحتفال بالعيد 😁 هي فرصة أزور أصدقائي من أبناء البلد وأرى احتفالاتهم وأحضرها مع أسرهم فيكون عيداً ملوناً أكثر من ألوان الزينات المعلقة وملابس الأطفال في هذه الأيام، (مسلمي المجر، البرازيل، تتارستان، المغرب… وهذا العام إندونيسيا وماليزيا بإذن الله)

من زمان كنت أرى مسلمي اندونيسيا -أكبر دولة مسلمة تعدادا للسكان في العالم- يجتمعون في صلاة الجمعة بأعدادغفيرة ويرتدون عن اتفاق لوناً واحداً مميزاً وليكن وردياً فتجد كل النساء في حجابهن وجلابيبهن في هذا اللون الواحد ولا يخالفه أحد وكأنه عرض يفوح منه عطر هذا اللون الفن والجمال والخشوع، فظننت أنهم يفعلون هذا في صلاة العيد فقلت بس أنا أشوف هايلبسوا ايه السنة دي وأشاركهم عيدهم، وحين تحدثت مع صديقي پروفيسور المايكروبيولوجي (علم الكائنات الدقيقة) -زميل دراسة بجامعة مونستر بألمانيا- الأول اندهش ثم ضحك مفسراً أن هذه طبعاً ليست شعيرة ولا تقليد مرتبط بالعيد وإنما كانت وسيلة أهل اندونيسيا في الاحتجاجات ضد الحكومة بأن يرتدوا لونا متفق فيما بينهم فتلتفت لهم العدسات ومن ثم الصحافة! يا سلام على الذوق والاحترام والأدب، تظاهرة بالألوان من خلال صلاة الجمعة، وعلى مايبدو إن الحكومات تستجيب كمان!

وعلى سيرة الأدب إن ذكرت جاكرتا يتبادر في أذهاننا اسمان: علي أحمد باكثير، رحمه الله الأديب القدير وأعماله الخالدة "واإسلاماه"، التي كانت مقررة علينا في المدرسة الثانوية ويعرفها أغلبنا من الفيلم الذي حرف قليلاً عن أحداث الرواية، "فاوست الجديدة"، في صيغة عربية رصينة وروح إسلامية، أو كما قال أعاد تقديم نفس الخمر ولكن في كأس جديدة، بيد أني أراها تعارض فاوست الجوتوية (الأصل الألماني للشاعر جوته، وتفوق نظيرتهما الإنجليزية للشاعر مارلو) وتتناول فكرة العهد بين الانسان ممثلاً في الدكتور فاوست المولع بالمعرفة كرمز للإنسان والشيطان مفيستو كرمز لإبليس وتطوره من تحالف إلى تنافس ثم صراع العودة للإرتباط بالسماوي والعودة لله وطريقه على حساب الزلات والأفخاخ التي تورطت فيها النفس الانسانية مع الشيطان حتى قاربت على الهلاك! التوراة الضائعة ومحاورات شخصيات تاريخية لم تجتمع قط كسيدنا عمر وصلاح الدين وروتشيلد في محاورات فلسفية عن بيت المقدس ، وجلفدان هانم لمن اهتم بالكوميديا قصة الأرملة الثرية الطروب…إلخ

ثقافة علي أحمد باكثير العميقة ارتبطت بحياته بين اندونيسيا واليمن ومصر ، فهو ولد وقضى طفولته في جاكرتا ثم صباه مع أخواله في اليمن ثم شبابه وباقي حياته في القاهرة، حتى حصل على الجنسية المصرية ١٩٥١ وكان غزير الإنتاج، أثناء عمله كموظف إداري في وزارة الثقافة فيسأله البعض، لمن تكتب كل هذا طالما لا تنشره، فكان يقول في ثقة سيأتي اليوم الذي تنشر وتقرأ، وسبحان الله أن تصير احدى رواياته مقررا دراسياً ثم تصنع فيلما هو واحد من أهم كلاسيكيات السينما العربية وكثير من ايفيهاته لا تموت "جهاد وسلامة" "لو شفتوه في الحرب اقتلوه!" "ماليش دعوة أنا عاوز الحصان اللي في بطنه"…

والاسم الثاني لم ينل حظه من الشهرة رغم جودة إنتاجه الأدبي د. نجيب الكيلاني صاحب "عمالقة الشمال، ليالي تركستان، و "عذراء جاكرتا" تلك الفتاة الثورية المثقفة عالية الهمة التي تحمل هم أمتها وثورتها بنت الشيخ الفاضل حاجي محمد بن إدريس العالم الأزهري المتفتح، والتي لم أنته بعد من روايتها كأدب الرحلة المحمول، وهذه عادة دأبت عليها من فترة قبل زيارة بلد أصطحب رواية أحداثها وشخصياتها من المكان لتهيئة النفس على التكيف والألفة مع الثقافة الجديدة لتحاول التعاطي معها كأحد أبنائها أو تتقمص احدى شخصيات الرواية وتتبع أحداثها وأماكنها في أرض الواقع فلقد كنت أبحث عن مريمة في ثلاثية غرناطة بين شوارع غرناطة وأزقتها ومسجد الطيبين وكنت أقتفي آثار الراهب هيبا وأسمع ضحكات أوكتاڤيا بين أديرة الشام وقلاياتها ورافقت الدكتور علي من رواية قمر على سمرقند في رحلته لنهر سيحون وجيحون، فتكتسب حياتك حيوات جديدة وخبرات لا يحدها زمان واحد.


7 views0 comments

Comments


10 resons2Travel
bottom of page