top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

🇨🇺 خواطر الرحلة من هابانا لسانتا كلارا

Updated: Nov 15, 2020

أبراج الصمت وهي خمسة أبراج أربعة منها متساوية الارتفاع توضع عليها جثث الموتى والبرج الخامسة أقصر في الطول حيث خصص لأجزاء من جثث الموتى أو لأعضاء بترت في عين حياته - وتقوم هذه الأبراج بمقام الموائد للطيور الجارحة التي تفترس الجثث وبهذا يكونوا دفنوا موتاهم في حواصل الطيور

🇨🇺 خواطر غير مكتملة دونت في طريق العودة من ضريح تشيه، بلا مراجعة بعد…

بينما نحن على الطريق لسانتاكلارا Santa Clara وجدنا جمعا من الموتوسيكلات الهارلي ديڤيدسون فظننتهم سائحين أو نادي من نوادي البانديدوس - رابطة من روابط أصحاب الموتوسيكلات أسست في بادئ الأمر في أمريكا من محاربي فيتنام القدامى كنادي تجمعهم هواية الدراجات النارية وموسيقى الروك في الظاهر لكنها ارتبطت مع الوقت بأنشطة عصابية واجرامية (مخدرات وقتل وتهريب وغيرها...) وانتشرت في دول أخرى من بينها ألمانيا فهم يثيرون المتاعب أحياناً بينهم وبين جماعات منافسة مثل هيلس آنجلس أو ملائكة الجحيم كما يسمون أنفسهم Hells Angels - لكنني فوجئت بأنه الابن الأصغر لتشي جيڤارا, ذاك الشاب ذو الخمس وخمسين عاما مع صديقين له يبدو أنهم في طريقهم لضريح أبيه بالمدينة مقصدنا اليوم وتشي لديه ابنان وابنتان الولد الصغير إرنستو يعمل في السياحة والبنت في مجال التاريخ وليسوا رجال أعمال ملياريين أصحاب قنوات فضائية زي ولاد عبد الناصر ولا هم محافظين بنوك مركزية أووزراء أو أعضاء في حزب حاكم تحت شعار "من أجلك أنت" كل تلك المقارنات التي أعقدها لا إرادياً بين كوبا الثورة ومصر ذات الإنقلابات العسكرية والتي قدمت على أنها ثورات في حين أنها كانت أكثر رجعية من كل نظام سبقها! دخلت ضريح الرجل وهو بالمناسبة ممنوع فيه التصوير ولقد امتثلت لهذا احتراما لرهبة الموت واجتهدت على النت باحثا عن صورة له فلم أجد للأسف, لذا سأحاول أن أجتهد في وصفه:

وحين دخلت كانت مهابة الموت حاضرة فلم أكن في مزارا عاديا كمتحف أو نصب، لكنه جمع رفاته الباقية من جبال بوليڤيا وتم حرقها Cremation/Einäscherung على الطريقة التي اشتهرت عند الإغريق حيث أحرقوا جثة المتوفى حتى تصير رمادا Asche/ashes والذي يحفظ بدوره في إناء مغزلي الشكل يشبه فازة الزهور لكن ذات غطاء محكم وتعرف باسم Urn وقد يكون منقوش عليها صليبا أو عبارة ذات أهمية للمتوفى أو هاتان اليدان الشهيرتان في وضع الصلاة تلك اللوحة المميزة للفنان النورمبرجي الشهير ألبرشت دورر Albrecht Dürer 1506 ثم يوضع هذا الإناء في شق في الجدار أو حنية Nische/Niche تسمى لوكولوس Loculus وتعني باللاتينية المكان الصغير وهي مفردة وتجمع على لوكولي Loculi ولقد منع الفرس الإغريق من هذا الطقس لفترة - أيام الغزو الفارسي لتقديس الزرادشتيين للعناصر الأربعة (النار والماء والهواء والتراب) فلا يصح تدنيس النار المقدسة بجثث الموتى (بالحرق) ولا الماء (بإغراقها) أوذروها في الرياح أو حتى دفنها في الأرض (التراب) فماذا فعل الزرادشتيون (المجوس) بموتاهم إذا؟!

المجوس لديهم مايعرف بأبراج الصمت تجدها اليوم في مدينة ممباي Mumbai الهندية (بومباي Bombay سابقا كما نطقها الإنجليز خطأ) وهي خمسة أبراج أربعة منها متساوية الارتفاع حيث توضع عليها جثث الموتى منهم والبرج الخامسة أقصر في الطول حيث خصص لأجزاء من جثث الموتى أو لأعضاء بترت في عين حياته - وتقوم هذه الأبراج بمقام الموائد للطيور الجارحة التي تفترس الجثث وبهذا يكونوا دفنوا موتاهم في حواصل الطيور دون تدنيسهم للعناصر الأربعة كما سبق - إلى أن أعاد الإغريق عادة حرق الجثث بعد أن ولى الفرس لكن الثابت أن أول من استخدمها في التاريخ كانوا سكان أستراليا القدماء ناحية بحيرة مونجو في جنوب شرق أستراليا ولاية نيو ساوث ويلز NSW حيث عثرت على "سيدة مونجو" أقدم رفاة بشرية معروفة حتى الآن أكثر من 40 ألف عام

صورة لإرنستو الصغير ونماذج من أواني الرفات ولوكولي الحائط ثم حائط مقبرة تشيه بالورود الحمراء


وظلت طريقة حرق الجثث معمول بها في الغرب حتى اليوم لأسباب مختلفة منها عقدي وفكري قابلت بلجيكيا كاثوليكياً طيبا كان يخشى الحساب والآخرة فأوصى بهذا ظنا منه بأن هذا قد يكون مفرا مما يخشى!

ومنها اقتصادي كما هو الحال عند الهولنديين لأن الحرق أرخص لديهم من الدفن فيحرقون كي لا يكون موت وخراب ديار وهم شعب مدبر ويشتهر عنه الحرص (راجع مقال بخل الهولنديين الذي لا ينتهي)

وعلى كل فتحة جدارية (لوكولوس) في ضريح تشيه Ché لوحة حجرية دائرية عليها رسم لوجه المتوفى واسمه الأول غالبا اسم التدليل فمثلا "تمارا بونكه" صديقته الألمانية ورفيقة السلاح في بوليڤيا وضع اسمها بين أصدقائها "تانيا" وأسماء أخرى مثل كوكو وتشينو (الصيني)…الخ ويقال أنها كانت أكثر من صديقة (زوجة غير رسمية) لتشيه Ché حين إقامته ببوليڤيا. وبجانب كل لوح سجيل وردة حمراء يتم تغييرها يوميا غير بعض ورود حمراء إضافية أحضرها بعض زوار المقبرة أو حجاجها وتمارا بونكه Tamara Bunke أو تانيا Tania والتي كانت أرچنتينة مثله لكنها من أصل ألماني وروسي (أب ألماني وأم من يهود أوديسا) وحتى شهادة من شهاداتها المدرسية في رياضة "رمي الجلة" صادرة لعام ١٩٦٧ من فرانكفورت (على نهر الأودر) - وهي مدينة صغيرة بألمانيا الشرقية (الديمقراطية) DDR/GDR على الحدود الپولندية وليست فرانكفورت تلك الشهيرة والكبيرة على ضفاف نهر الماين فالأولى تكتب Fankfurt/Oder والثانية المهمة والمشهورة تكتب Frankfurt/Main أو تختصر ل Frankfurt/M وكانت في دولة ألمانيا الغربية (الفيدرالية) آنذاك BRD/FRG

وكانت البطاقة ضمن مقتنيات تشيه ومعروضات المتحف وحتى أحد الأچندات المعروضة كانت مطبوعة بألمانيا الشرقية DDR/GDR طبعا لم أعبث بها رغم رغبتي الجامحة فلقد كانت محفوظة بصندوق زجاجي تراهها مفتوحة من خلفه و من حسن الحظ كانت على صفحة يوم السبت وكان هذا كفيلا للتعرف على تانيا من أي جهات ألمانيا تأتي أصلا, وهذا فيصل بين الألمان الشرقيين الذين يستخدمون كلمة زونآبند Sonnabend (حرفيا مساء الشمس) ويقصدون به السبت بدلا من زامستاج Samstag (الكلمة الأكثر انتشارا للسبت في الغرب والجنوب) كمقدمة للزونتاج (حرفيا يوم الشمس) ويقصدون به الأحد مثل إخوانهم الغربيين والنمسا وسويسرا الذين يشتركون في اسم السبت Samstag زامستاج أيضا وليس زونآبند Sonnabend ومن المعروضات من أوراق شخبطها الطفل إرنستو وكراسة المدرسة وحتى شهادة بكالوريوس الطب من جامعة بوينيس آيرس وصورة لجواز السفر الأوروجوياني المزور الذي دخل به إلى تنزانيا متنكرا بلا لحية وبنظارة عجيبة سيتيناتية الصيحة ليدخل من تنزانيا إلى الكونغو ويساعد في تدريب الثوار هناك وحين فكرت لماذا أوروجواياني وليس أي جنسية أخرى لاتينية رغم إجادته للفرنسية مثلا، هل لأن لكنته الإسپانية تترك أثرا حين تحدثه بالفرنسية مثلا أم بسبب عادته الأوروجوانية الأرچنتينية البحتة وهي شرب المتّة Cerva de Mate ويسمى كذلك الشربة (بكسر الشين) وهي أوراق نبات الكوكا وتشبه الشاي الأخضر توضع في حق "كالاباسا" ويصب عليها الماء الساخن شيئا فشيء وتقلب بعصا معدنية تقوم بدور ملعقة ومفراك وشفاطة في وقت واحد "البومبيشا"Pompilla لتشفط منها شراب Mate الساخن وإن رأيت شخصاً يتحدث الإسپانية ويحمل هذه الكالاباسا والبومبيشا أو Bombilla لكن عادة هذين الشعبين المشتركة الشِربة ونطق الياء الإسپانية LL شيناً فمحلات المشاوي لديهم اسمها پاريشا لا پاريا Parrilla وهذان الحرفان إن اجتمعا يفقدا صوت اللام ليصبح ياءا مضعفة وهذا ليس في الإسپانية وحدها بل والفرنسية أيضاً فيما عدا ثلاث كلمات mille, ville & tranquille ميل, ڤيل وترانكيل (ألف, مدينة وهاديء)


94 views0 comments

Comments


10 resons2Travel
bottom of page