فأجد أن أهل الجزيرة افطارهم يختلف قليلا عن مناطق الكاريبي والپاسيفيكي ليست القهوة Café Tinto وشرائح الفواكه الاستوائية الطازجة والبيض كما اعتدت بل الفواكه الاستوائية والاستاكوزا ثم القهوة! الكفار بيفطروا استاكوزا، فقلت للناذلة لا خليه افطار زنديق صغير طبق سيبيتشه جالاپاجوي Ceviche Galapagueño وهي قطع من...
تبددت أحلامي في ايجار سيارة على جزيرة سانتا كروث أو كروس كما ينطقها أهل أمريكا اللاتينية -الذين يحرفون كل ثاءا قشتالية وينطقونها سيناً تماماً كفعلة المصريين مع الثاء العربية- كما كنت أمني نفسي، مثلما كنت قد فعلت في جزيرة الفصح من قبل فلقد كان ايجار سيارة الچيپ Jeep ساعتها بدولارات قليلة لأجد أن المواصلات من حافة الجزيرة حتى النزل (هوستيل صغير لكنه جيد وقرب شاطيء الألمان Playa de los Alemanes) كان أرخص حاجة متاحة ومكانه جيد وكذلك تقييمه على منصة الحجز التي استخدمها الحاجة الوحيدة اللي ممكن تأجرها هنا هي الدراجات الهوائية مممن أن تسأل في الأوتيل ووسيلة المواصلات الأشهر هنا على الجزيرة سيارات پيك آپ رباعية الدفع الضخمة من تويوتا تركب في الصندوق أو الكابينة، أو التاكسي المائي Aguacate Taxi وبمجرد أن يصل بك للرصيف تجد أسرابًا من السلطعون الكابوريا تتهادى على الحائط في أمان
الناس على هذه الجزيرة كلها متطعمة ولا يذهب لها أحد من الإكوادور نفسها أو غيرها سوى بشهادة PCR ودي إدارة السياحة الناجحة بحق، ولا تذكرني بدولة تعرف السياحة من ايام هيرودوت وسترابون وديودور الصقلي، وكانت الأماكن السياحية فيها وفنادقها العائمة هي بؤر الاصابات بالكورونا ونشرها العاملين في قراهم البعيدة مع كل إجازة
الإكوادوريون المحليون لا يذهبون لها لارتفاع اسعارها فمن الممكن الذهاب للپيرو المجاورة ب 200$ بينما جالاباجوس لا تقل التذكرة عن 400-500$. وسمعت أن هناك كروزات رحلات بحرية تنطلق من الولايات المتحدة حتى هناك بأسعار رباعية وخماسية الخانة، أخبرتني بهذا صديقة أمريكية مكسيكية الأصل لديها صديقة من بتوع الكونتينت ميكر، أن امرأة سويسرية دفعت 20 الف دولار وهي 400 جدعنة لصديقتها وحصلت على مكان بنفس الكروز، كوسة!
أخيرا صرت أنام حتى الخامسة وهذا انجاز كبير حيث كنت استيقظ منذ الثانية صباحاً لأنها وفق ساعتي البيولوجية العاشرة! أما الخامسة هنا فهي يادوب قبيل الشروق بدقائق حيث توقظك الطيور بتسابيحها وصديحها فهم يجتمعون بالشرفة ذات الستايل الكولونيالي درابزين مرتكز على اعمدة بزخارف نباتية بيضاء والمسافة بينها تسمح باستقبال طائر كبير أو صغيرين من أفراخه، لتقوم العائلة بمناقشاتها اليومية في هذه البلكونة رخامية الأرضية والفردوسية المنظر فمنها ترى النخيل وأشجار استوائية الخضرة ذات أزهار وألوان وتنبعث بالخلفية موسيقى لاتينية شعبية خافتة لكن الإيقاع والباتشاتا ظاهرة فكنت حين أقف لصلاة الصبح وسط رذاذ المطر الخفيف أتمنى ديمومة هذه الحال فهي جنة على الأرض بحق، وبعدما أكتب لي سطرين مما تشرفني بقرائته صديقي القاريء أتمشى على الماليكون Malécon الشارع الرئيسي من شاطيء المحيط الهاديء حيث تكثر المطاعم ومحلات التذكارات والبضائع التقليدية لأتناول الافطار، فأجد أن أهل الجزيرة افطارهم يختلف قليلا عن مناطق الكاريبي والپاسيفيكي ليست القهوة Café Tinto وشرائح الفواكه الاستوائية الطازجة والبيض كما اعتدت بل الفواكه الاستوائية والاستاكوزا ثم القهوة! الكفار بيفطروا استاكوزا، فقلت للناذلة لا خليه افطار زنديق صغير طبق سيبيتشه جالاپاجوي Ceviche Galapagueño وهي قطع من السمك والأخطبوط في معية الجمبري (الروبيان٫القريدس) الطازج جداً -صيد اليوم فأنت تشرف في جلستك على المحيط الپاسيفيكي- موضوعة في الليمون وقطع طماطم والبقدونس وشيء قليل من فلفل الآبانيروس Havaneros الجهنمي الحرارة لكنه ذي رومة وطعم يجعلانك تظن أنه فاكهة. وتقدم مع رقائق الموز المقلية أو البطاطا الحلوة البنفسجية اللون كلاهما مقرمش ويأتيك في سلة صغيرة قبل أي وجبة تطلبها توضع مع الملح والفلفل. وبعد افطار عظيم على طريقة أهل الجزيرة قمت لزيارة Las Grietas y la playa de los Alemanes منطقة الصدوع/الفوالق الأرضية وبجانبها شاطيء الألمان أما الصدوع فلأنها منطقة بركانية ضعيفة القشرة الأرضية تحدث فيها الفوالج وتمتليء ببحيرات ملحية ووبين مناطق صخرية بركانية تشبه جنادل النيل عندنا تجد بحيرات دافئة الماء عمقها يبدأ بثلاثة أمتار ويصل لخمسة عشر متراً ولأن "عومي كلابي" بوصف المرحوم فؤاد المهندس فاتصرفت ودخلت من عند السلم ممسكا بحبل متين تحمل فمن خاف سلم والقطط كما اتفقنا تراقب الماء ولا تلغ فيه وبعدما مرت التجربة بسلام ودون حالات اسفكسيا الغرق توجهت لشاطئ الألمان هذا لأجده شاطيء مسكون بالسحالي والطيور أكثر من بني الانسان سواء ألمان أو غيرهم وليس فيه شمسية واحدة بل أشجار قصيرة تضع فوطتك على صخرة مجاورة وتستلقي تحت ظلال هذه الأشجار لتستتر من الشمس وكلما أحببت ان تدخل الماء فتمشي في مخاضة طويلة حوالي دقيقة ونصف حتى يصل الماء بالكاد لفخذيك لكنك لا تمل لوجود الأسماء الملونة والمخططة تجري من حولك فالماء شفاف جداً والأرخبيل كله محمية طبيعية مميزة جداً وان جلست على الشاطيء لأكل بعض لقيمات الجبن Pan de Queijo وهي كرات مخبوزة بداخلها جبن سايح تؤكل ساخنة مع القهوة تجد طيورا من كل لون تحيط بك بل وتتقدم لتنتزع نصيبها طواعية وكرهاً وان نمت تحت هذه الأشجار فلا يتداخل مع صوت البحر والطير أي صوت بشري فعدد الأشخاص على كل الشاطيء لا يتخطى العشرة بين نائم ومار ومثلهم في الماء وتستطيع ترك اشيائك الثمينة بمنتهى الأريحية على الشاطيء فالجنة لا تعرف الخطايا ولعلك لاحظت كثرة حديثي عن الطير هنا لأن هذه الجزر على حجمها الصغير إلا أنه يسكنها 1600 نوع من الطيور (حوالي 15% من أنواع الطيور المعروفة في العالم) بجانب ما يزيد على 16,000 من الزواحف و6000 نوع من الفراشات. فلا عجب أن هذا التنوع العريض في الكائنات والحياة الطبيعية، أهلها لأن تكون مكان ولادة نظرية التطور والإرتقاء لتشارلز داروين والذي زارها خمس وثلاثين يوماً في شبابه لكن له هنا محطة تحمل اسمه بها أكبر مزرعة للسلاحف وهي مجاورة لي في طريق يحمل اسمه Avenida Charles Darwin وبهذه المحطة خدمة مجانية لطيفة تستطيع الحصول على ختم زيارتك للجزيرة في جواز السفر، وقد فعلتها على جوازاي وكأنني دخلتها مرتين أو بشخصين :))
Comments