top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

🇺🇾 لله دركم أهل المونتڤيديو! التشيفيتو ألّارامبلا وضيافة الأرمن 01

Updated: Nov 13, 2020

كانت تجربتي السابقة في مدينة كوسكو بالپيرو حين تأخر الباص المخطوف ناحية سانتا روسا وصلني إشعار بالإيميل أن حجزي قد تم إلغائه وكانت أقل مشاكلي لحظتئذ فكنت لا أدري هل يمد الله في عمري حتى أصل أم لا


وصلت العبارة ميناء الكرمل Carmelo -نعم فهناك كرمل آخر خارج فلسطين- وكنت أظن أنها مجرد محطة داخل المونتيڤيديو نفسها مثل ألماظة أوالترجمان أو ميدان لبنان في القاهرة لكن المفاجأة كانت هذه مدينة أخرى تبعد عن مقصدي أربعة ساعات كاملة لأنتبه أن اختياري للعبّارة ذات الوقت الأقصر لم يكن ذكيا مني بالمرة فظننت أنه مجرد فارق في السرعات فأخذت أسرعها -هكذا ظننت- في حين أن الرحلة زادت تكلفة وطولا ومشقة, وأي مشقة فغير حقيبة الظهر معي حقيبة أخرى كبيرة تكفي رحلة طويلة محطاتها هولندا الپيرو ثم الأرجنتين عبر شيلي والآن الأوروجواي وكل ما وفرته في الوقت والمال سأتكبده مشقة تغيير مواصلات بين بحر وبر وبر ,لأخوض المسافة بالباص لمدة أربعة ساعات إضافية حتى أصل وسط البلد في المونتڤيديو ثم تاكسي حتى المنزل الذي سأبيت فيه وبالطبع اتصلت بمضيفتي لأخبرها أنني سأتأخر حتى كذا وكذا فطمأنتني أنها ستنتظرني لا مشكلة ففرحت لكرمها الزائد!وكانت تجربتي السابقة في مدينة كوسكو بالپيرو حين تأخر الباص المخطوف ناحية سانتا روسا وصلني إشعار بالإيميل أن حجزي قد تم إلغائه وكانت أقل مشاكلي لحظتئذ فكنت لا أدري هل يمد الله في عمري حتى أصل أم لا (راجع الطريق للماتشوپيتشو)

وكان ختم الدخول بتسعين يوم وأنا أعلم أني لن أمكث منهم تسعين ساعة على بعض وهاهي أربع ساعات تسربت بخطأ في الحجز, وكنت قد خصصت أربعة أيام لهذه البلد حيث أتحرك في العاصمة ذاتها ولو كان لدي وقتا ممكن أخطف رحلة الليلة الواحدة (أوفرنايت) إلى سالتو Salto وهي ثاني أكبر مدينة تقع على الضفة الشرقية من نهر الأوروجواي (في الشمال) أي على الحدود الأرجنتينية حيث أن ضفتها الغربية هي مدينة كونكورديا بالداخل الأرجنتيني وبها متحف للأنثروبولوجي بينما سالتو مشهورة فقط Agua caliente Hot water falls عيون ماء ساخنة

فاتجهت لمحطة الباصات المواجهة للميناء لأستقل الحافلة إلى العاصمة مونتيڤيديو بعشر يوروهات التذكرة, تماما كسعر باصات المدن الإسپانية البينية ثم التاكسي الذي لم يسمح بجلوس جانبه فقط تجلس بالخلف وبينك وبينه زجاج مسلح يفصل الكابينة فاندهشت جدا كل من أكد لي الأمن والأمان هنا في الأوروجواي أكثر من أي دولة أخرى في جنوب أمريكا ومع ذلك الفصل الرهيب هذا ليس كذلك الذي تعرفه في لندن تاكسي لكنه بدا لي مصفحا وغير متوقع في حين أن ليما العاصمة الپيروڤية ذات نسب الجريمة الأعلى جلست دائما بجانب السائق سواء في التاكسي أو الكوكو (التوكتوك)

نزلت من التاكسي أمام شارع في منطقة مغلقة للمشاة كان بها بيت السيدة أنيتا حيث استأجرت غرفة في منزلها بشارع زابالا بوسط البلد أو المدينة القديمة Ciudad vieja وأنيتا امرأة أرمينية ذات أصل لبناني حيث هاجر جداها لكنها ولدت بالأرجنتين وتعيش هنا في المونتڤيديو منذ دهر لذا فهي لا تعرف كلمة عربي وإنما فقط الإسپانية والأرمينية وشيئاً من الإنجليزية

وهي سبحان الله بها شبه كبير من أمي خلقة وحزما فهي مديرة مدرسة للأرمن أفصح عن هذا كمية الدمى والعلم الأرميني والكتابة على لوح الحائط (السبورة) بتلك الأبجدية القديمة التي اتخذها الأرمن للغتهم منذ بداية القرن الخامس الميلادي

ففهمت أهمية ذلك للسيدة أنيتا ولاحظت هي تجولي بعيناي لأشكال وألوان الدمى في فضول وإعجاب وتعرفي لمفردات ثقافتها هنالك وأردت طمأنتها بأن قصصت عليها بعض من قصص وتاريخ الأرمن الحافل في بلادنا واستمعت بإهتمام بالغ لدرجة كانت تكتب ورائي ما أقول تدونه بالإسپانية تارة وبالأرمينية تارة فزدتها من الشعر أبياتا بل وقصائداُ

لأني كما توقعت هي ككل من قابلت من الأرمن تنصب أغلب معارفهم في تاريخهم على محورين الأول هو نشأة المسيحية في بلادهم وأنهم أول من أقاموا أول كنيسة في العالم -فابتسمت في نفسي وقلت آه لو سمعك أصدقائي مسيحيو مصر أوالأردن أو سوريا أوفلسطين- فكل يقر وصلاً بليلى ليحتار أهل التاريخ بينكم!

والثاني كربلائية مذابح العثمانيين بكل مبالغاتها بل وأكاذيبها من ناحية أخرى فلو تفكروا ولو للحظة لماذا نكل العثمانيون بهم وحدهم دون رعايا الدولة العثمانية من مسيحيي أهل جورجياأوالشام أو مصر (فكلهم كانوا رعايا تابعين للدولة العلية) لكن أحدا منهم لم يتعاون مع روسيا العدو اللدود للدولة وقت الحرب بل وبدأوا بأعمال العنف ضد جيرانهم العزل بقراهم من الأكراد والترك فلن يقابلوا بالورود -لكنني لست هنا لأرهق السيدة الطيبة بهذه الروايات التاريخية الثابتة والهادمة لمقدساتها الفكرية من ناحية ناهيك على أنك لن تصلح وجهات نظر موروثة تصل لدرجة العقائد بين الأمم في حديث ربع ساعة ولو كنت فيليب ديموسثينيس Δημοσθένης أو أوتيت فصاحة تشيتشيرون Ciceron فلم تقطع الفيافي والمحيطات لتكدير المرأة الطيبة في بيتها- فأخذت أسرد لها جوانب مضيئة من تاريخ الأرمن في الشرق ولا يسلط عليها الضوء في الغرب لهدف ما, حيث وصلوا فيه لحكم وإدارة دول كانت تسيطر على العالم أو على الأقل قوى اقليمية كبرى فاقت وطنهم الأم مساحة وأهمية الذي جعلوه نواة للدياسبورا الأرمينية فسردت لها تاريخا أطول وأعظم مما كانت قد سمعت أو قرأت عن بني جنسها قط فحدثتها عن شجر(ة) الدر سلطانتنا الذكية التي نحبها ونفتخر بها والتي وصلت للسلطنة في مصر والشام بعد أن كانت جارية أرمينية وانتصرنا معها على ملك الفرنسيس لويس التاسع في حين أن في تاريخ الأرمن من أوله لآخره لم يحظ في علمي على ملكة أو زعيمة بنفس الحجم والأهمية التاريخية أو الجغرافية و السياسية والدينية لشجر الدر أم خليل الصالحية سلطانة مصر والشام رحمها الله والتي كان يدعى لها على المنابر وتصك لها العملة في دولة تفوق مساحتها أرمينيا التاريخية فوق المائة ضعف (الشام وحده أكثر من عشر أضعاف أرمينيا)

- الأصل في اسم شجر الدر Los árboles de perlas -وقد أعجبها الاسم- أنه بصيغة الجمع رغم شيوع صيغة المفرد شجرة تماما كشيوع بطليموس في حين أن الصحيح بطلميوس والجمع بطالمة لابطالسة لأن ال وس في نهاية الأسماء اليونانية فقط علامة إعراب المرفوع Nominative وليست أصلا في الكلمة كي تستخدم في الجمع- ولقد ذكرت لي أن لديهم"زابل" أو ايزابيل التي حكمت مع زوجها كيلكيليا (أرمينيا الصغرى) في نفس الوقت تقريبا لكن ليس لها أثر في التاريخ سوى أنها اقتسمت مع زوجها صدر العملة)

وهناك أمير الجيوش في الدولة الفاطمية وباني أبواب وأسوار مدينتي القاهرة الأفضل بدر الدين الجمالي كان أرمينيا أيضا وكذلك أعطيت الوزارة في مصر لأرمن ثلاث مرات على الأقل: أولها كان بهرام الأرمني في العهد الفاطمي حتى أن هاجر 120 ألف من بني جنسه لمصر واستقروا بالقاهرة وما حولها في القرن العاشر ثم استقدمهم محمد علي المزيد منهم لمهاراتهم في بعض الحرف والصيرفة (بوغوص) الذي صار رئيس ديوان الخارجية والجمرك (وزير الخارجية والتجارة) ثم في عهد الخديوي اسماعيل كان أول ناظر النظار (رئيس وزراء في مصر الحديثة) نوبار نوباريان ولهم جميعا شوارع في القاهرة أومساجد وقباب بأسمائهم المرجوشي (أي شارع أمير الجيوش ومسجد باسمه فوق المقطم) وشارع نوبار بوسط البلد وشارع شجر الدر في أفضل حي في القاهرة الزمالك وكيف لا فهي كانت سلطانة وأرملة سلطانين

كما أن لهم باع كبير في الصحافة المصرية سواء جرائد بلغتهم كصحيفتي أرارات -والأرمن لا يوجد شيئ عندهم كنادي أو مؤسسة إلا ويحمل أحدها اسم هذا الجبل وهو يناظر الجودي في الثقافة الاسلامية حيث رست عليه فلك نوح - وصحيفة هوساپير وتعني الأمل والإذاعة المصرية تبث يوميا خدمة (البرنامج الأوروبي)بالأرميني من 3-4 تقريبا 4-5 يوناني و 5-6 ايطالي 6-7 ألماني وباقي اليوم انجليزي أو فرنسي بحسب اليوم...(يتبع بالجزء الثاني)



42 views0 comments

Comments


10 resons2Travel
bottom of page