top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

🇨🇴 ليلة في الوكر الكولومبي

Updated: Nov 13, 2020

كانت شقة لطيفة جدا و"آمنة جداً جداً" والتي لن أنساها ماحييت فهي ليس ذات نوافذ أو شرفات تطل على الشارع لترى الخارج قط! فلا يدري بك من الخارج أحد ولا تشرف على العالم وكأنها سحارة إسمنتية, فلنقل وكراً أو مُكنة (بضم الميم) بلغة العالم السفلي...

أعترف أنني إلتزمت مبدأ "تا پرت إم حرو" بالمصرية القديمة (الهيروغليفية) "المشي في وضح النهار" -هكذا كان عنوان أهم كتب الفراعنة والذي عرف فيما بعد بكتاب الموتى- فكنت أتحاشي ظلام الليل وسكونه تحاشي المصري القديم للثعبان أبي فيس ومهالك الجحيم خاصة في أمريكا اللاتينية وشرق أوروبا لأتجول فيهما نهاراً وكنت لم أزل حريصاً على تطبيقه خاصة في المدن الخطرة ذات معدلات الجريمة العالية بحيث أن تزامن نشاطك وتحركاتك مع أول ضوء النهار من بعد صلاة الصبح على أن تصلي المغرب قريبا من بيتكم إلا لو كنت هاتلقط منظراً للغروب وبعدها مباشرة قبل الاظلام تعود أدراجك، قد يكون هذا محبطا بعض الشيئ للطيور الليلية من البشر لكنه يحفظك من كثير من المصاعب كما يضيع عليك كثير من الخبرات والمتع البريئة كذلك!

فهناك مدن آمنة: مثال المونتيڤيديو بالأوروغواي التي تمشيت فيها على شاطئها الجميل (الرامبلا La Rambla) - أكثر من عشرين كيلو متر متواصلة دون أن يقطعها أي شيئ حتى الثانية والنصف صباحا بلا أية مشاكل او مضايقات وكذلك في حي بارراكاس في بوينس آيرس الأرجنتينية لأقضي أمسية ممتعة على بار أو مقهى للتانجو-سمه ما شئت- لكن حينما كنت في بوجوتا (العاصمة الكولومبية) بحي بيا أماليا Villa Amalia القريب من مطار إلدورادو Aeroporto Eldorado حيث كنت أبيت ليلتي في شقة لطيفة جدا و"آمنة جداً جداً" والتي لن انساها ماحييت فهي ليس ذات نوافذ أو شرفات تطل على الشارع من الخارج قط! فلا يدري بك من الخارج أحد ولا تشرف على العالم الخارجي وكأنها سحارة إسمنتية في المبنى..فلنقل وكراً أو مُكنة (بضم الميم) بلغة العالم السفلي أعدت لغرض ما أظنه قد يتعدى إيواء سياح مملين بعيدا عن مصلحة الصرائب الكولومبية, بيد أن لها غير الباب الذي دخلنا منه فتحتان:

شباك وحيد بين غرفة النوم من جهة والمطبخ والصالة من الجهة الأخرى، وهناك فتحة سقف مربعة من غرفة مجاورة لغرفة النوم ذات سلم محمول حقيقة لم أهتم أن أعلم إلى أين يقود, خاصة مع سماعي لموسيقى لاتينية رائعة وراقصة لعلها تسربت من هذه الفتحة السماوية -أسميتها كذلك لظني أني لو تركت العنان لفضولك ولقدميك لها فلعلها تدخلك السماء مع القديسين والشهداء- فأشارت علي أذني بأن أذهب أسلم وأفضل لمصدر الصوت تلك الديسكوتيكا (المرقص) والذي تفوح منه موسيقى السالسا والميرينجي وكل ما يتراقص القلب الحزين والجسد بمجرد سماعه حتى ولو كانت كثير من كلمات أغانيها حزينة لكنها عاطفية تجيش بالمشاعر وخاصة في هذا الليل الحالك البهيم -فلقد كان ليل بوجوتا يقترب من انتصافه- ولأن هذا المقهى الراقص على بعد عشر دقائق سيرا على الأقدام بجانب هذا البيت العجيب المريب فنصحني صاحب الشقة السيد فيرناندو بأن لا احمل المال في جيبي وانما في سروالي الداخلي وتأخذ معك فقط مبلغا "يكفيك لكأسين" -وفق تعبيره- ولما استوضحته في فضول كم عساه أن يقصد فقال 10-15 ألف پيسوس -وهذا مبلغ فعلا يسير أقل من أربعة يوروهات- إلا أن هذا الجو المريب والاحتياطات الأمنية المبالغ فيها جعلتني آثر السلامة وأن أقضي الليلة الأخيرة في كولومبيا في هدوء مع الآيباد فشكرت فرناندو والذي كان أحضر لي جهاز الآيباد الإحتياطي الذي تركته لديه يشحن طيلة النهار فمقابس الكهرباء كانت مستنفذة والرجل كان يسكن فوقي في نفس البناية العجيبة لكن يبدو أن الجهاز لديه قد علق به شيئ من ذرات البارود هكذا قيل لي في مطار برلين عند العودة مما جعلهم يجتهدون في البحث في حقيبة ظهري عسى أن يجدو سلاحا أو طبنجة أو شيئ من هذا القبيل لكن هيهات فأسلحتي أقلامي وخراطيشي من الحبر الأزرق غالبا إن لم أستخدم الرصاص -الجرافيت كي أكون دقيقا! :))


ملحوظة سيارتي في كولومبيا لم أختر أرقامها لكنها جاءت هكذا فلزم التنويه أن أي ارتباط بينها وبين السحنة الشرق أوسطية هو مجرد صدفة بحتة :))



103 views1 comment

1 Comment


Omar Outlandr
Omar Outlandr
Sep 15, 2020

كتاباتك ممتعة جدا جدا

Like
10 resons2Travel
bottom of page