top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

موسكو بعد غياب 01. روسيا ولياليها البيضاء 🇷🇺

Updated: Aug 17, 2021



بعد عامين انقطعت فيهما رحلاتي لبلاد الروس بسبب حظر الكورونا حيث كنت اعتدت الهروب من رطوبة جو ألمانيا اليوليوي الخانق إلى ليالي سان بطرسبورج البيضاء حرفياً ونحن لا نقصد هذه التي غنى لها محمد عبد المطلب في دور "يا ليلة بيضا يامحلاكي" ولا تلك في رائعة ذا مودي بلوز Nights in white satin never reaching the end! وإنما ظاهرة الليالي البيضاء الفلكية التي يعرفها سكان الشمال الأقصى في انعدام الليل حيث تتجمد حركة الشمس عند خط الأفق وتغيب الظلمة عن هذا الجانب من الأرض للإلتحاق بكورس اللغة الروسية الصيفي المكثف بسان بطرسبورج ومن هناك

كنت أقضي عطلة نهاية الاسبوع منتصف الكورس تماماً في موسكو مع الأصدقاء

وقبيل الحجز اتصلت بصديقي العزيز كولا (نيقولا) وهو شاب نابه مثقف يتحدث العربية والتركية والألمانية بطلاقة بجانب الروسية والانجليزية وشيء من الفارسية ويسبر غور ثقافاتها لأسباب كثيرة منها تنقله في الدراسة بين جامعات موسكو الحكومية -ذات السمعة الجيدة- وجامعة جوتنجن الألمانية واستانبول في كليات فقه اللغة (فيلولوجي) والآداب ولأن جده الأكبر كان تترياً وعالماً من علماء الإسلام في بخارى وجداه الآخران من اليهود الآشكيناز والقوازق (حراس القيصر الأرثوذكس الملتزمين) قد قرر أن يتعمق في دراسة أصول اللغات والأديان التي حملها أجداده 😊

كيف الأحوال ياصديقي وأنتوي المجيء بعد فتح روسيا من حظر الكورونا من قبيل الألمان، وأكيد سنلتقي، فرحب وأخبرني بأن أخاه الأصغر قد عاد للتو من سخالين (في أقصى الشرق عند جزر الكوريل المتنازع عليها مع الياپان) والملتحق ببعثة جغرافية كمصور بعدما أنهى دراسة الإخراج في مدينة آلتو Aalto الفنلندية وسيكون هنا يومي كذا وكذا فليتك تمر علينا أولًا قبل سان بطرسبورج إن أمكن! فقلت له ولم لا فليكن لأبدأ بموسكو أولًا على غير العادة ثم أنطلق بعدئذٍ شمالاً لمدينة القديس بطرس الأحب إلى قلبي بعد هذين اليومين فلم أر إيليا أخيه منذ ثلاثة أعوام أيام بداية دراسته

انطلقت من مطار ديميدوڤ (موسكو) بياندكس تاكسي Yandex Taxi/Яндекс Такси (تطبيق يشبه أوبر Uber) لشارع الجيمالية، ولا أدري المصادفة العجيبة أن حي الجمالية في القاهرة هو موطن الكثير من التتار الذين استقروا في مصر منذ أن استقدمهم الظاهر بيبرس البندقداري في القرن الثالث عشر ليرصع بهم الجيش بعد إسلامهم فهم أهل بأس وقتال، ثم صديقي الموسكوي ذو الأصل التتري في القرن الواحد والعشرين يسكن أيضًا "أوليتسا جيمالية" (شارع الجمالية) الموجود بموسكو! إنها السنن، أو لعل التاريخ يعيد نفسه كما يقول السيد ماركس مرة على شكل مأساة ومرة على شكل مهزلة! 😁

فوضعت حقائبي لديه وأوزار سفرة طويلة عبر عدة محطات عدة في ألمانيا وسويسرا وخطفت الظهر والعصر بغرفة الضيوف لأجده وأخيه جاهزين لننطلق لمطعمنا المفضل بوسط البلد بموسكو شارع مياسنتسكايا Мясницкая улица هو للأمانة مطعم ومرقص أو Night Club نايت كلاب (بنطق المرحوم حسن عابدين) 😊


لكن في الواقع هو ليس مجرد مطعم ومرقص من تلك المنتشرة بالمدينة عظيمة المباني والقباب ذات الاثنى عشر مليوناً من البشر لكنه آلة زمان في الوقت ذاته، حيث يظهر وجه موسكو السوڤيتية من الديكورات والموسيقى والملصقات والكتب على الأرفف لكن بشكل كاريكاتوري كوميدي فصاحب المطعم فنان كاريكاتير وطبيب نفسي وصحافي له شخصيات كوميك ثابتة انتشرت من خلال جريدة كومرسنت Коммерсантъ قد شرّح فيها كل عيوب ومميزات الشخصية الروسية ووضعها تحت المجهر حتى صار لها جمهور عريض وتعلق برسومه الناس فتجد منها الكثير يزين جدران المطعم وأطباقه وحتى قائمة الطعام والتي تشبه بغلافها الجلدي الأحمر ملفاً من ملفات الدوائر السوڤيتية الحكومية! وتجد بها أسماء الأطعمة في القائمة مأخوذة من أخبار السيتينيات والسبعينيات فمثلاً تستطيع أن تطلب سلاطة بريچينييڤ بجانب طبق "ياسر عرفات" (كسكس باللحم الضأن) لا لشيء إلا لشهرة الكسكس من المطبخ العربي هنا عن المقلوبة مثلاً فحمل الكسكس اسم الزعيم الفلسطيني أو سلاطة "فيديل كاسترو" (أخطبوط مشوي بالزيت والثوم مع الخس والطماطم)

والتي اعتدت أن آخذها بدلاً من شوربة "أكتوبر الأحمر" (كريمة الطماطم) وستيك السلمون وعصير المورس الأسود (عصر توت العليق وعنب الثور) طعمه يشبه الكركديه لو اختلط بعصير العنب.


35 views0 comments

Comments


10 resons2Travel
bottom of page