top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

موسكو بعد غياب 02🇷🇺 أحاديث مقهى ومرقص پيتروڤيتش

Updated: Aug 17, 2021



في البداية ساد هدوء وموسيقى جيدة سمحت لكل منا أن يطلع رفيقه أو يباهي بالكلمات الجديدة المكتسبة في لغة الآخر فهو يحب العربية جدا والألمانية أيضاً وأحاديثنا حول هذه الثقافات والروسية والتركية لا ينتهي فمثلاً كان مندهشاً من اسم اليونان بالعربية وهل له علاقة باسم النبي يونان في الكتاب المقدس فابتسمت لفكرته وقلت له لا أظن أن هناك علاقة بين يونان النبي (يونس بن متى) واليونان هـِلّاس Ελλάς أو حتى مقاطعة يونان Yunan الصينية مثلاً؛ بل وأميل للزعم بأنها محض أسماء متشابهة لسبب ما، لماذا رغم أن النصوص المقدسة تتحدث عن أنه من نينوى في شمال العراق "وذا النون إذ ذهب مغاضباً" وبعد أن التقمه الحوت ونجاه الله لأنه كان من المسبحين أرسل لقوم ذوي شاطيء بحر وبه حوت مما يجعلنا نستبعد نينوى بشمال العراق لعدم توفر البحر والحيتان هناك فيميل البعض للوهلة الأولى أن هذا المكان لعله كان اليونان، لكن لو عرفت أن اسم اليونان أقدم من قصص الكتاب المقدس عن يونان النبي (يونس بن متى) فترفض الفكرة برمتها ففي مصر القديمة كانت هناك زيجات مختلطة خاصة بين المصريين وأهل اليونان القديمة (الإغريق) وكانت تكتب شهادات الميلاد في مصر القديمة مِس إن كِمِتْ (مولود في مصر) -كما صار يكتب في شهادات الميلاد المستحدثة في مصر الآن- وإن كان المولود ولد خارج مصر باليونان كُتب له "مِس إن وِنِنْ" أي أن أصل تسمية اليونان عند الساميين والحاميين منذ القدم وأسبق من قصص الكتاب المقدس ويونان نفسه. ولفظة "ونِنْ" مرتبطة ومفسرة لكلمة يونان، يونانستان، اليونان…إلخ في لغات شعوب الأمم الاسلامية اليوم (فارسية تركية عربية على الترتيب)، ورغم أن اليونانيين أنفسهم لم يستخدموا لفظة يونان أو جريج (إغريق) لوصف أنفسهم وإنما أسموا أنفسهم منذ القدم الهلينيين نسبة لهِلّاس ΕΛΛΑΣ

وأردفت على سؤاله بسؤال آخر كان يؤرقني لفترة في ظاهرة اختلاف أسماء الأعلام والأعلام الجغرافية بين لغة وأخرى ومن ثقافة لثقافة، مثال جارتنا الجنوبية "النمسا" ومن أين عساه قد أتى الاسم في العربية؟!

وبالمثل كنت وجدت لديه تفسيراً تأثيلياً (ايتمولوجياً) مفسراً لاسم "النمسا" العجيب في اللغة العربية والذي هو يقيناً ليس له علاقة بالبطيخ النمساوي ولا حيوان النمس ولماذا هو بعيد عن أوستيررايش، آوستريا، أوتريش…الخ كما نعرفه في لغات الأمم المجاورة لهم وأتى بحروفه هذه النمسا في اللغتين العربية والتركية القديمة (العثمانية)؟!

لتتبع هذا يجب أن تعلم أن الروس يسمون الألمان نيمتسِ Немцы والكلمة أصلها من نيموي немой بمعنى أبكم أو أخرس على أساس أن الألمان لا يستطيعون حديثاً وهذا أشبه بمنطق العرب في استخدامهم لكلمة "أعاجم" وهي من العَجْماء أي البهيمة، لأن البهيمة لا تستطيع الكلام أيضاً فكان هذا التشبيه البليغ! 😁لعجز غير العرب عن الحديث أوالاشتراك فيه رغم حضورهم، وهكذا نظر الروس لأمة الألمان (النيمتسِ Немцы) وكذلك العرب رأوا سائر الأمم أعاجماً أو عجماوات خرساء لاتنطق 🐫


ولأن علاقة الشرق الإسلامي بدأت بالألمان بحق من خلال الدولة العثمانية -فحضورهم خلال الحروب الصليبية كان ضعيفاً مقارنة بغيرهم من الإفرنج والإنجليز لغرق سفينة ملكهم فريدريش بارباروسّا مع خيرة جنوده قبل أن تصل للشرق- فأخذ العرب التسمية عن اخوانهم بني عثمان،

ولأن النمساويون للعثمانيين هم ألمانٌ لغةً وسياسةً (جزءُ لا يتجزأ من الأمة الألمانية) فأطلقوا الاسم على هذا الكيان السياسي "نمسه" في كتبهم -وهو بالمناسبة أقدم من ألمانيا نفسها التي لم تنشأ كدولة إلا في 1870 كوحدة سياسية بعدما كانت جزء من الامبراطورية الرومانية المقدسة- ثم دخل العربية بالألف في النهاية لتصير "النمسا"

بتنا ليلتنا ونمت كدب في منتصف شهر فبراير لأستيقظ على افطار روسي تقليدي الكاشا Каша أو الپوريدچ Porridge الإنجليزي (شعير باللبن) لكن بصراحة "البليلة" (قمح باللبن والسكر على الطريقة المصرية) برقبته! فالبليلة حبوب تتعرف عليها وسط الحساء وحلوة الطعم لكن السيد كاشا هذا معجِّن وبدون سكر، لذا كان صعب ابتلاعه بدون مقدار معلوم من مربى التوت البري Малина/raspberry/Himbeeren والروس في أمر المربى يسرفون فيها جداً هم لا يأكلونها فقط على الشطائر (في الساندوتشات) وبداخل الفطائر لكني رأيت بعضهم يضيفها داخل الشاي الساخن بل والبعض يلتقم ملعقة تلو الأخرى يتبعها رشفات الشاي الساخنة ليذيبها في فمه!

فحمدت الله على طبق الكاشا بجانب جبن اللامبير Ламбер والقهوة وذهبنا لمكان فريد وهام…(يتبع)



15 views0 comments

Comentários


10 resons2Travel
bottom of page