top of page
Writer's pictureMostafa Farouk ابن فضلان

🇦🇷 وصلة تانجو في مقهى شعبي بحي بارّاكاس العريق 1

Updated: Nov 13, 2020

ليلة السبت في بوينوس آيرس 🇦🇷

النادل يشبه ألپاتشينو لحد بعيد وهو أمر متوقع فأغلب سكان هذا الحي هم من أصول ايطالية.. بل وحتى مضيفي الأوروجواني سينيور پابلو أو پومي -كما ينادونه- المهاجر للأرجنتين قد قضى خمسة أعوام في ايطاليا قبل عودته النهائية ليس لوطنه الأوروجواي وإنما للجارة الأرجنتين -فالمعيشة هنا أرخص كثيرا ولا يوحد تأمين صحي بالأوروجواي- فنفذ مشروعه بشراء بيت من بابه في بوينس آيرس يؤجر غرفه لسائحي المدينة من خلال منصة AirBnB - مما سهل علينا التواصل فأسپانيتي تحمل قدراً لا بأس به من المفردات الإيطالية أتوكأ عليها وأجبر بها أخطائي ولي فيها مآرب أخرى ولهذا قصة لعلي أشرحها لكم يوما! :))

porteños y Bunaerenses

و پومي شخصية ظريفة فهو پورتينيو وبونارينسي معا أي يسكن قرب الميناء فهو مينائي/مرفأي (پورتينيو) وصف يطلق على سكان وسط المدينة هناك تمييزا لهم عن سكان الأطراف البعيدة عن الميناء) أما بونارينسيس فهي كلمة منحوتة من بوينس آيرس تفيد النسب إليها ويشترك فيها من ولد بها أو لم يولد. فقط كل من يعيش بها وأظنها من لهجة أهلها وقد لا يستخدمها متحدثي الإسپانية غيرهم لكن الجميع يفهمونها فأغلب سكان أمريكا اللاتينية يرون لهجة الأرجنتينيين هي إسپانية مجازا ويزيدون في المبالغة والتنمر بأنهم إيطاليون ويزعمون أن لسانهم الملتوي هذا إسباني! ولعل هذا الانتقاد اللاذع مرجعه أن البعض يراهم متعالين قليلا (شايفين نفسهم حبتين, سمعت هذا من مكسيكان وبرازيليين على حد سواء)

وصاحبنا يدير نصف منزله كهوستيل بإحترافية عالية قد لا تراها في فنادق كلاسيكية ثلاثية النجوم أو رباعيتها ووعدني أن يكشف لي من أسرار تحضير شاي المتّة في الكالاباسا (قرعة مجففة صارت وكأنها من الخشب ومغلفة غالبا بالجلد مثبت بحلقة من الفضة على فوهتها) بالطريقة التقليدية لأتخلى عن عادة الإسپريسو الصباحي ولم يفلح فقط في اقناعي باستبدال قهوة الصباح بشاي المتة Cerva de Mate بل منذ هذا الحين اقتنعت تماما بفكرة الAirBnB كبديل عن حجز الفنادق المعتاد التي اضطررت لها في الأصل لقلة المال من ناحية فأثمان الفنادق في بوينس آيرس تشبه مثيلتها في نيويورك -أي غالية- ولكراهيتي للسياحة التقليدية بحكم أني مرشد سياحي منذ أكثر من عشرين عاماً وأعرف كيف يحال بين الزائر والحياة الحقيقية في البلد المضيف ويكاد ألا يرى سوى الجوانب المعدة سلفاً والمزيفة أحياناً عن حياة الناس وثقافتهم وأسلوب معايشهم وتفكيرهم الحقيقي بلا رتوش أو تبديل


وبناء عليه لم أذهب لمطاعم شارع أوريارته calle Uriarte قرب السفارة الأمريكية أو في پويرتو ماديرو Puerto Madero الشهيرة والفاخرة والتي تزداد بزيادة ثراء البونارينسيس las Bunarenses كلما اتجهنا شمالا في اتجاه دلتا نهر الدجلة الأرجنتينية أو تيجره Tigre لأن بومي أخبرني أن اللحوم هنا متقاربة الجودة بل تكاد تكون متماثلة الجودة في كل مكان فقط فروق الأسعار تذهب للسيرفيس و للكوبيرتو طيب سيرفيس وده مفهوم يا صديقي إيه قصة الكوبيرتو ده؟!

فقال لي هذه لعبة مفضلة لدى أصحاب المطاعم يستغلون فيها السياح بأن يدفعونهم ثمنا لاستخدام أدوات المائدة من شوكة وسكينة وملاحة وزجاجتي الخل والزيت اللتين لا أتذكر أني استخدمتهما إلا في النادر جدا فأطباقك تأتي بها مقادير كافية جدا من الملح والزيت مثلا

لكن اللعبة أنه في بعض المطاعم مقدارا ثابتا وفي أخرى نسبة من الفاتورة وهذا كثير جدا, لذا نصحني بأن أسأل قبل الدخول إن كانت الأسعار Con o Sin Covierto?!الترجمة الحرفية بغطاء أم بدون!؟ فيفهم النادل أنك لست سائحا بسيطا بل تعيش هنا أو على الأقل تغلق عليه باب اعتادت بعض المطاعم استخراج مال إضافي من حاظة نقودك بدون وجه حق وإن لزم الأمر فخذ معك شوكتك وسكينتك وملعقتك فالقانون يخول لك هذا وتطلب طعامك Sin Covierto!

وهكذا فقررت أن أخوض التجربة بنفسي كبونارينسي (بن المدينة ذاتها) لا كسائح فالمطاعم التي يأكل فيها المحليون في بلاد كثيرة قد تتفوق على مثيلاتها السياحية الشهيرة وطمأنني أن اثنتان هاهنا لا تستطيع الحكومة رفع سعرهما مثل باقي السلع فهما سلعتان أساسيتان لدى كل أرجنتيني اللحم والمتّة Carne y cerva -وهما هنا أهم من الخبز- فإن اجترأت الحكومة على فعل هذا لاندلعت الاضطرابات وأسقطت الحكومة حينئذِ نفسها بنفسها واللحم هنا بحق رخيص جدا وعالي الجودة حيث مراعي البامبا الشهيرة لا تبعد كثيرا عن بوينس آيرس وهذا الاقليم وحده يساوي ضعف أيرلندا ويأوي أربعة ملايين رأس أبقار ونصف مليون من الأغنام والماعز والخنازير مصانع الجبن والمناحل وقمح وذرة وتجاور ولاية ميندوزا المزروعة كروما بمساحة ضمنت لها المركز الخامس عالميا في صناعة النبيذ (بعد فرنسا ايطاليا أسبانيا والولايات المتحدة)

وكان هناك مطعما للمشاوي باريشا Parilla -بلهجة الأرجنتين والأوروجواي بإبدال صوت الياء شيناً- كبير على ناصية شارع ويقدمون اللحم المشوي بطريقة الرعاة (الجاوتشو Gaucho) على الخشب فطعمه بين المشوي والمدخن يأتيك بشوايته المسحوبة من فوق الحطب إلى المنضدة أمامك مباشرة كي يظل ساخنا باعثا برسائل حب بالدخان لمعدتك وليأكل أنفك وعينيك قبل أن ينال منه لسانك وأسنانك فأتيت على الأسادو Asado صاج الشواء في نشاط وجد! ولا أود الإشارة أن كلمة أسادو (مشوي على السيخ) من فعل asar لها استخدام آخر سيئ السمعة والذكر في فترات الحكم العسكري أيام الجنرال فيديلا حيث كان يتم التخلص من جثث ضحايا التعذيب من المعارضين السياسيين بعملية تحمل نفس الاسم لا أود معرفة تفاصيلها لكنها أكيد لم تكن أقل وحشية مما كان يفعله ديكتاتور آخر في دولة مجاورة بإسقاط معارضيه ليس في الانتخابات لكن من الطائرة بحبل لفوهة البراكين المنتشرة في بلاده! وحان الآن وقت أمسية التانجو..


47 views0 comments

Comments


10 resons2Travel
bottom of page